المشاركات

اكتب كي لا تختنق الروح

أكتب كي لا تختنق الروح

صورة
  ل ا أبحث عن ضجيج العالم   ولا أركض خلف جمهور يصطفّ للتهليل   أكتب لأنّني أحتاج أن أتنفّس   لأنّ قلبي يحفظ ما تعجز الذاكرة عن نطقه   هنا... في هذه المساحة المنسية من الضجيج   تنام كلماتي في دفء المعنى   تنهض خفيفة مثل دعاء في آخر الليل   وتعود لتربّت على كتف كل عابرٍ مُتعب   أكتب لمن لا يملك صوتًا   لمن ضاعت ملامحه بين الأمس واليوم   لمن أنهكته التفاصيل وبحث عن ظلّ يشبهه   مدونتي ليست موجّهة للجميع   بل لأولئك الذين يقرأون القلوب لا العناوين   الذين لا يمرّون على الحروف مرور الغرباء   وإن وصلت إلى هنا... فكن على يقين   أنّ الكلمات اختارتك دون غيرك   وأنّ ما تقرأه الآن، كُتب لك، لا لأحدٍ سواك   🔒 جميع الحقوق محفوظة ©️   مدونة لمسة روح – lamsatroh80.blogspot.com   نصّ حصري ومخصص فقط لهذه الصفحة

حين تصحو الأرواح بعد طول صمت

 أحيانًا تستيقظ الروح في لحظة لا تشبه أي شيء؛ لحظة لا تأتي من ضوء ولا من ظلام، بل من حافة دقيقة بينهما. تفتحي عينيك فلا ترين العالم كما اعتدتِ، كأن نبضًا جديدًا تسلل إلى صدرك، وكأنك تتذكرين فجأة شيئًا لم تعيشيه بعد. تشعرين بأن داخلك بابًا كان مغلقًا لسنوات طويلة، ثم انفرج دون صوت، وكأن الصمت نفسه تعب من حمل أسرارك. في تلك اللحظة تتساءلين متى تغيّرتِ؟ ومتى تغلّبت عليكِ الحياة حتى ظننتِ أن قلبك صار عاديًا مثل الآخرين؟ الحقيقة أنك لم تكوني يومًا عادية أنتِ فقط كنتِ مؤجلة مخبأة في ركن من نفسك ينتظر لحظة يقظة كهذه. فالإنسان لا يُهزم لأنه سقط، بل لأنه صدّق أن سقوطه نهاية ولا يُنقذ لأنه قوي، بل لأنه رأى نفسه بصدق لأول مرة وحين يرى الإنسان نفسه كما هي بكل شقوقها وكسورها وضيائها المختبئ يقع السؤال العظيم في قلبه والذي لا يأتي كل يوم ولا يطرق كل باب بقلم لمسة روح © جميع الحقوق محفوظة 2025

الفصل السادس عشر

 جلسا معا في شرفة المقهى القديم الذي كان شاهدا على أول اعتراف غير مكتمل بينهما. هذه المرة لم تكن هناك حاجة للالتفاف حول المعنى. قالت لمى نحن لم نخف من الحب. نحن خفنا من ان نخسره بعد ان نجد ابتسم سليم وانا تعبت من الهرب. تعبت من التفكير بدل العيش. لأول مرة، كان كل شيء واضحا بينهما. لكن الوضوح لا يأتي بلا ثمن. ففي الطريق إلى بيته، تلقى سليم اتصالا قلب المشهد كله. كان على والده السفر للعلاج. حالة خطيرة. وقت ضيق. مسؤوليات كثيرة. ولما علمت لمى بذلك شعرت أن الحياة تخبرهما بوضوح أن الروايات لا تكتمل بسهولة، وأن النهاية لا تأتي بلا اختبارات قاسية. مع ذلك لم يتراجعا. قالت له سأبقى معك حتى ينتهي كل هذا. لا تبتعد ولأول مرة، سمح سليم لنفسه بأن يصدق أن الاتكاء على أحد ليس ضعفا. بقلم لمسة روح © جميع الحقوق محفوظة 2025

الفصل الخامس عشر

  لم تكن ليلة عادية. السماء بدت صافية بشكل مريب، كأنها تخفي تحت صفائها فوضى صغيرة ستكشف في الوقت المناسب. لمى جلست قرب نافذتها تراقب الطريق الخالي، وتشعر أن قلبها يعلّق مصيره على خطوة واحدة قد تأتي من بعيد. كانت تفكر في كل ما حدث منذ البداية. لم تعد تلك الفتاة التي تبحث عن معنى، بل أصبحت امرأة تقف عند حدود قراراتها، مستعدة لأن ترى الحقيقة دون أن تختبئ منها. وفي تلك اللحظة بالتحديد، وصل سليم. لم يطرق الباب. اكتفى بأن يقف أمامه بصمته المألوف. وعندما فتحت لمى الباب، أدرك كلاهما أن ما سيقال لن يكون مجرد حديث عابر. قال سليم اشعر اننا نصل الى شيء. ربما بداية او نهاية. لكنني لا اريد ان اعود للوراء. ردت لمى بهدوء صادم ولا انا. لهذا يجب ان نكون صادقين حتى النهاية. كانت تلك الليلة بداية النهاية، بوعي لا يمكن الهروب منه. بقلم لمسة روح © جميع الحقوق محفوظة 2025

الفصل الرابع عشر

 لم يكن الصباح مختلفا في ظاهره، لكنه كان يحمل ما يشبه الوعد الغامض. الهواء في المدينة بدا أثقل قليلا، والضوء الذي دخل من النوافذ كان مثل إشعار خفيف بأن شيئا سيتغير ولو ببطء لا يُرى. قامت لمى من سريرها وهي تشعر بأن قلبها يتحرك داخل صدرها كما لو أنه يريد قول شيء ولم يجد الطريق بعد. أمسكت دفترها الذي اعتادت أن تكتب فيه كلما أرادت أن تهرب من ضوضاء العالم، لكنها هذه المرة لم تستطع أن تخط حرفا. كانت الكلمات تختبئ منها، وكأنها تنتظر حدثا لم يقع بعد. في الجهة الأخرى من المدينة، كان سليم يمشي بخطوات ثابتة لكنها ممتلئة بتردد خفي. لم يعد يعرف إن كانت تلك الحكاية التي تجمعهما تتقدم للأمام أو تدور حول نفسها، لكنه كان يعرف شيئا واحدا. لم يعد قادرا على الانسحاب. فكل طريق يذهب إليه كان يعيده إليها، حتى في صمته كان يسمع حضورها. وعندما التقى الاثنان في المساء، لم تكن الكلمات هي أول ما قالاه. كان الصمت بينهما ينساب مع اللمح، وكأنه هو الذي حملهما طوال الفصول الماضية وجاء الآن ليطلب منهما مواجهة الحقيقة. قالت لمى بصوت منخفض اشعر ان كل ما نمر به يدفعني الى سؤال لا اجد له جوابا. هل نحن نقترب ام نهرب ...

الفصل الثالث عشر

  عادت ليان إلى المدينة وهي تشعر بأن الطريق أقصر مما ينبغي. وكأن المسافة تقلصت بفعل الأفكار الثقيلة التي كانت تزدحم داخل رأسها. أمسكت حقيبة الصور بقوة. كل صورة فيها صارت علامة استفهام. كل رسالة في الصندوق الذي تركته في البيت القديم صارت بداية لشك جديد. كانت تشعر أنها واقفة فوق حافة قصة أكبر منها. قصة لم تُكتب لأجلها لكنها أصبحت داخلها رغما عنها. في المساء جلست في غرفتها تحاول ترتيب كل شيء. أخرجت الصور ووضعتها على السرير. حاولت أن تربط بين الوجوه. بين الفتاة الصغيرة والمرأة خلفها. بين ظل في صورة وظل آخر في ذاكرتها. لكن الخطوط كانت كثيرة. والعمل على فهمها يحتاج لوقت. وعلى عكس المرات السابقة كانت تشعر أنها لا تملك ذلك الوقت. رن هاتفها. كان الرقم مجهولا. ترددت. لكن الفضول انتصر. جاءها صوت رجل. كان صوته هادئا لكنه يحمل شيئا يشبه القسوة المدفونة. قال إنه يعرف أنها ذهبت إلى بيت ليلى. وإن هذا ليس خطأها. وإن الطريق الذي اختارته سيقودها إلى الحقيقة مهما حاول البعض إخفاءها. لم يعط اسمه. ولم يقل من أرسله. فقط قال لها أن تلتقي به غدا عند جسر قديم يطل على الوادي. ثم قطع الاتصال قبل أن تسأله أي ش...

الفصل الثاني عشر

  خرجت ليان من المستشفى بخطوات متسارعة. كانت حقيبة الصور تلتصق بيدها وكأنها شيء حي يخاف السقوط. لم تعد تفكر إلا بالعنوان الذي كتبته اليد المجهولة في الظرف. شعرت أن الطريق إلى ذلك البيت القديم سيغير كل شيء. ربما سيستبدل نصف ما تعرفه بنصف جديد لا تريد سماعه. وربما سيضعها أمام حقيقة كانت أمها تحاول إخفاءها منذ سنوات طويلة. استقلت سيارة أجرة وتوارت خلف زجاجها تفكر بكل شيء. فكرت في عايدة الجالسة قرب أمها وكأن العلاقة بينهما ليست علاقة جارة بمريضة بل علاقة أعمق من حدود الحي. فكرت في اختفاء سامر. في ظهور نادين. في الرجل الذي بحث عنها في المقهى. كانت الأحداث تتحرك بسرعة غريبة كأنها جميعا اتفقت على أن تقترب نحوها في الوقت نفسه. الطريق إلى البيت المذكور أخذها بعيدا عن ضوضاء المدينة. كانت الشوارع تضيق كلما ابتعدت. البيوت تتباعد حتى بقيت بقاياها فقط. أشجار كبيرة على جانبي الطريق. هواء بارد يضرب زجاج السيارة. شيء في هذا المكان جعل قلبها ينبض أسرع. وصلت إلى باب بيت خشبي قديم مائل قليلا. كانت النوافذ مغلقة بستائر ثقيلة. لم يشعرها المكان بالخوف بل بارتباك يشبه الوقوف أمام ذكرى لم تُخلق بعد. دفعت ا...

الفصل الحادي عشر

  بدأ الصباح مختلفا عن كل صباح مر على ليان. كانت الشمس خفيفة فوق المدينة وكأنها لا تريد أن تكشف بالكامل ما ينتظر هذا اليوم. استيقظت ليان بعد نوم متقطع. أخذت هاتفها وقرأت الرسالة المجهولة مرة أخرى. شعرت بأن الكلمات لا تخيفها بقدر ما تدفعها للبحث. كان فيها شيء يشبه التحدي أو كأن أحدهم يعرف أنها امرأة لا تستسلم بسهولة. في الساعة التاسعة خرجت من البيت لزيارة السيدة عايدة. كانت شوارع الحي مزدحمة بشكل غير معتاد. وجوه كثيرة تتحرك بسرعة وكأن الجميع مستعجل لعبور يوم لا يريدونه أن يطول. عندما وصلت إلى منزل عايدة وجدته مفتوحا بشكل غريب. لم تكن هناك ضوضاء. لم يكن هناك صوت. فقط رائحة قهوة قديمة ما تزال في الهواء. دخلت بهدوء. نادت على السيدة عايدة فلم يجبها أحد. تقدمت أكثر نحو الممر. في منتصفه كانت هناك حقيبة صغيرة على الأرض وكأن أحدهم تركها على عجل. رفعتها ووجدت بداخلها مجموعة صور قديمة. الصور كانت لامرأة تشبه عايدة في شبابها. وفي كل صورة كانت تظهر فتاة صغيرة حائرة الملامح. تكررت الفتاة كثيرا حتى بدت وكأنها محور الصور كلها. في أسفل الحقيبة وُجد ظرف آخر يشبه الظرف الذي وصلها في المقهى. فتحته فوج...