عتبة الاربعين


 حين يمر الإنسان من بوابة الأربعين
تصمت أشياء كثيرة وتتكلم الروح
يفهم ما لم يكن يُفهم
ويحس بما لم يكن يُحس
يمشي بهدوء ولا يتأخر عن قلبه
يستقر في ذاته كأن العمر كله كان انتظارًا لهذه اللحظة
لا يعود يبحث عن الضجيج
بل يسكنه السلام وإن تأخّر
في الأربعين يكبر الصمت ويتقلص العتب
تُروى فيه الأيام بعمق لا يشرحه الكلام
وتنضج التفاصيل وتغدو الحكايات أكثر قربًا من القلب
الأربعون ليست رقمًا
بل زمنٌ تُروى فيه الذات لنفسها ما لا يُحكى لأحد
في عتبة الأربعين
أمشي إليّ بخطى لا تخون
لا ألتفت لما انكسر ولا أسأل عن الذي مضى
كأن العمر الآن فقط ابتدأ
وأنا على عتبة الأربعين
أشعر أنني أول مرة أتنفّس كما يليق بي
أنادي قلبي فلا يهرب
أحضن ظلي فلا أعتذر
أحبني كما أنا دون أن أنتظر تصفيق أحد
أبتسم حين أفهم الصمت
وأطمئن حين تخذلني الكلمات
فأنا أعرفني أكثر مما كانوا يعرفون
وأعرف من بقي حين انطفأ الجميع
لم أعد أحتاج الكثير
رشفة دفء من ذاتي
لمسة نور من يقيني
وحديث بسيط مع الله في آخر الليل
كفيل أن يُنبت في داخلي حدائق لا تذبل
صرت أفهم أنني لم أخسر
بل كنت أنضج
كنت أشفى من جروحي القديمة
كنت أبني امرأة لا تحتاج سوى حقيقتها
في الأربعين
لا أحقد ولا أنكسر
أربت على كتفي إن تعبت
وأقول لي
أحسنت الصبر وأحسنت الحذر
وأحسنت النجاة من كل ما لا يُشبهك
أنا الآن في سلام
يشبه الماء
يشبه الغيم
يشبه سجدة طويلة ودمعة لا يراها أحد
أنا الآن أقرب إليّ من أي وقت مضى
وأجمل من كل ما رحل


بقلم ....✍لمسة روح 
© جميع الحقوق محفوظة2025


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

انثى لا ترفع الراية البيضاء

صهيل في قلبي 💕 وكتاب ولد من حلم

صباح يشبه النور حين يخجل