حين يُنصت العمر...

 

ما بعد الأربعين ليس مجرد رقم يُضاف إلى الأعمار

إنه انتقال هادئ من فوضى البدايات إلى سكينة الوعي

حيث تتغير مفاهيم كثيرة دون إعلان

وتتراجع معارك كثيرة دون هزيمة

وتصمت أشياء كثيرة دون أن تختفي


في هذا العمر

لا تعود الأولويات كما كانت

ولا تبقى الأحلام كما رُسمت

لكن القلب لا يخسر دفأه

بل يختار لمن يمنحه نبضه


من بعد الأربعين

يتوقف الإنسان عن ملاحقة الضوء في الخارج

ويبدأ بالبحث عنه داخله

يفهم أن كثرة الكلام لا تعني الفهم

وأن الصمت لا يعني الفراغ

بل يعني أنه امتلأ بما يكفي


ما بعد الأربعين

تتغيّر نظرتنا للحياة

نبدأ بالاقتناع أن السلام الداخلي أغلى من الفوز بأي جدال

أن خسارة الأشخاص أحيانًا هي نجاة

وأن البُعد عن الضجيج نعمة لا تُشترى


نُدرك أن الوقت لا ينتظر أحدًا

وأن العمر الحقيقي ليس ما مضى

بل ما تبقّى وكيف سنعيشه


لا نُصالح الجميع

بل نُصالح أنفسنا

لا نُكمل من أجل الاستمرار

بل من أجل المعنى


في ما بعد الأربعين

نغدو أكثر رحمة

أكثر هدوءًا

أقل اندفاعًا

وأقرب إلى أنفسنا مما كنّا عليه يومًا


إنه العمر الذي نتعلّم فيه كيف نكون لأنفسنا

وكيف نحتفي بالقليل دون أن نشعر بالنقص

وكيف نمضي في الطريق بصمتٍ

لكن بثقة لا تهتز


ما بعد الأربعين

ليس عمرًا متأخرًا

بل توقيتًا مثاليًا لفهم الحياة كما هي

والنظر إليها من نافذة النضج

لا من مرآة الأمنيات


  • بقلم ....✍لمسة روح 

© جميع الحقوق محفوظة2025


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

انثى لا ترفع الراية البيضاء

صهيل في قلبي 💕 وكتاب ولد من حلم

صباح يشبه النور حين يخجل