الحافة المظلمة
📘🖋 الفصل : الثامن 📘
وقفت ليان أمام الصندوق، وكانت الأنفاس تتسارع في صدرها. كان رائد يقف خلفها، ممسكًا بالصورة القديمة، بينما كانت عيناه تراقبانها بحذر. لكن هذا لا يعني أن قلبها قد أصبح مستعدًا لمعرفة المزيد. كانت كل خطوة تخطوها نحو الصندوق كأنها تقودها إلى هاوية لا تُرى.
– رائد، ماذا تعني هذه الصورة؟ من هو هذا الشخص؟ قالت ليان بصوت مضطرب، وهي تحدق في الصورة. كان الشاب في الصورة يبتسم ابتسامة عميقة، ولكن عيناه كانت تحملان شيئًا لا يمكن أن تُخطئه.
– إنه جزء من القصة التي لا يمكنك فهمها حتى الآن، قال رائد بهدوء، وكأن الكلمات كانت تخرج من فمه ببطء شديد، وكأنه يعي أن ليان لم تكن مستعدة لسماع ما كان سيقوله.
– لا، قلت لي من قبل أنني جزء من كل هذا، ولكن هذا الشخص لا يشبهني. كان الشاب في الصورة يبدو شابًا غريبًا عنها. كان يحمل ملامح شديدة الوضوح، لكنها كانت غير مألوفة لها. كان في الصورة مرتديًا ملابس قديمة، تعود إلى حقبة زمنية مختلفة تمامًا.
– هذا الشخص هو... الجزء المفقود من تاريخك، قال رائد، وهو يقترب منها أكثر. هذا ليس مجرد شخص، ليان، إنه أنتِ.
توقف قلبها في صدرها، وكأن الكلمات كانت تغزو عقلها بموجة مفاجئة من الصدمات. كيف يمكن أن يكون هذا الشخص هو هي؟ كيف يمكن أن يكون هناك جزء آخر منها في الزمن الذي لم تعشه؟
– ماذا تعني؟ هل تقول أنني كنت في هذا الزمن؟ هل كان هذا الشاب نسخة مني؟
نظر إليها رائد بصمت لفترة، وكأن الكلمات تقف في حلقه. ثم قال:
– لا، ليان. هذا الشخص كان جزءًا منكِ، وهو جزء منكِ الآن. لكنك لا تتذكرين، لأنه كان جزءًا من الخطة التي كُتب عليكِ أن تنسيها. قبل سنوات، كنت جزءًا من تجربة، تجربة تخص الحياة والموت، الزمن والذاكرة. كانوا جميعهم في اللعبة نفسها، وأنتِ كنتِ أيضًا، لكنك لم تعرفي ذلك.
– تجربة؟ قالت ليان بصوت يكاد لا يُسمع. كان عقله يرفض تصديق ما كان يسمعه. هذه الكلمات، هذه المعلومات، كانت أكبر من أن تستوعبها في لحظة واحدة.
رائد أغمض عينيه للحظة، ثم قال:
– نعم، كانت تجربة علمية، واحدة من أكثر التجارب سرية في العالم. لكنك كنت قد وُلدت في وقت غير مناسب، فتم محو ذاكرتك، حتى تنقضي تلك الأيام التي كُتب فيها كل شيء.
– محو ذاكرتي؟ هل كنت تراقبني طوال هذه السنوات؟ هل كنت جزءًا من كل شيء؟ هل كنت جزءًا من تحكمات حياتي؟!
لم تكن تعرف إن كانت ستنفجر بالغضب أم بالحزن، لكن الحقيقة كانت تُنزل عليها كالصاعقة. كيف يمكنها أن تُصدق أن حياتها لم تكن سوى جزء من "تجربة"؟ كل ما عاشت من ذكريات، كل ما شعرت به، كان مزيفًا؟ كان كذبة؟
رائد تقدم خطوة نحوها، ووضع يده على ذراعها بحذر:
– نعم، لكن عليكِ أن تعرفي شيئًا مهمًا. هذه التجربة لم تكن تهدف إلى تدميرك. على العكس، كان الهدف هو إيجادك. كان الهدف هو أن تكوني على دراية بكل شيء الآن، حتى تتمكني من اتخاذ القرار الذي سيغير مصيرك.
– ما هو هذا القرار؟ قالت ليان بصوت مضطرب، والدموع تملأ عينيها.
– القرار هو أن تقبلي الحقيقة أو تتركيها. القرار هو أن تحققي حلمك أو تظلّي في عالم لا تعرفين فيه من أنتِ. قد تكونين جزءًا من الماضي، لكنكِ أيضًا جزء من المستقبل.
ثم رفع رائد الصورة التي كان يحملها:
– هذه الصورة تُظهر الشاب الذي كنتِ عليه، وكان هذا هو نقطة البداية لكل شيء. لكنكِ الآن لديكِ الخيار. إما أن تقبلي بالعودة إلى الماضي وتعيشيه بكل ألمه، أو أن تكتشفي نفسك من جديد في الحاضر.
كانت عينا ليان مليئة بالحيرة. هل يمكن أن يكون كل شيء بهذه البساطة؟ هل يجب عليها أن تقبل بحقيقة مفزعة كانت تختبئ منذ سنوات؟ وهل هي مستعدة للعودة إلى الماضي الذي لا تعرف عنه شيئًا، أم ستختار المضي قدمًا في المستقبل الذي قد يكون مليئًا بالمجهول؟
حاولت أن تجمع أفكارها، لكنها لم تكن قادرة على تحديد الطريق الذي يجب أن تسلكه. كانت كل الطرق تؤدي إلى مزيد من الأسئلة. ومهما حاولت، فإن الإجابة كانت دائمًا واحدة: "هل أنتِ مستعدة
https://lamsatroh80.blogspot.com/2025/07/blog-post_19.html
وتقترب الفصول من الانتهاء إنتظرونا عن قريب
بقلم: لمسة روح
© جميع الحقوق محفوظة2025

تعليقات