بين الماضي واللحظة الراهنة
📘🖋الفصل الرابع 📘
بقلم لمسة روح.......𝓡𝓸𝓱 𝓐𝓵𝓱𝓪𝔂𝓪𝓽
استمر الهاتف في الطنين، وكأن الصوت الذي يناديها كان ينجح في سحبها نحو أعماق لا ترغب في الغوص فيها.
رفعت ليان سماعة الهاتف بحذر، قلبها ينبض بسرعة، وكأنها على وشك أن تغوص في بحيرة مظلمة دون معرفة عمقها.
– مرحبًا؟ قالت بصوتٍ متردد، غير قادرة على إخفاء الارتباك.
– ليان، قال الصوت الذي عرفت ملامحه حتى قبل أن يسمعها، إنها أنا... رائد.
لكأن هذه الكلمة "رائد" قد ضربت قلبها بشدة، وتجمّد الزمن للحظة. هو نفسه، ولكن الصوت كان باردًا أكثر مما تتذكر. هل كان هذا هو الصوت الذي اختفت به كل هذه السنوات؟ أم أنه كان شيئًا آخر، شيئًا يخبئه بين حروفه؟
– ماذا تريد مني؟ هل تعتقد أنني سأسامحك؟ قالت ليان، وقد امتلأت عيناها بالألم.
– ليان، اعلمي أنني لم أكن أملك أية نية لإيذائك. لكن، ثمة أشياء لا يمكن تفسيرها، كنت أنتِ أول من يلمس جرحها. أريدك أن تمنحيني فرصة واحدة فقط لأشرح، لتفهمي كل شيء.
سكتت ليان لبرهة، وتذكرت السنوات التي مرت وكأنها غيمة ضبابية تغلف رؤيتها، وتساءلت إذا كان قد تغيّر حقًا كما يزعم.
– لا أريد أن أسمع منك المزيد، قالت أخيرًا، كنت قد قررت أن أنسى كل شيء، لكنك الآن تجعلني أتساءل: لماذا عدت في هذا الوقت؟
رأى رائد في كلماتها تلك مفترق الطرق الذي كان يخشى أن يصل إليه، ولكنه كان مضطراً للحديث.
– لأنني علمت بالحقيقة، ليان، الحقيقة التي أخفيتها عنك لسنوات طويلة. عودي إليّ، لتفهمي ماذا يعني هذا الصندوق وما الذي يحدث الآن. أخبرتك مسبقًا أننا لم ننتهِ كما ظننتِ. التاريخ يعيد نفسه، والأشياء التي لا نفهمها هي التي تأتي بنا إلى بعضنا مرة أخرى.
كانت كلمات رائد تحمل ثقلًا غامضًا، لا يستطيع عقلها تفسيره، ولكن قلبها، الذي طالما كان مفتونًا به، بدأ يشعر بشيء غريب في أعماقه.
– كيف يمكنني أن أصدقك بعد كل هذا الوقت؟ قالت ليان، يئست من الحكايات غير المكتملة.
أجاب رائد بلهجة هادئة، وكأن حديثه يحمل بعض الندم الذي لم يظهره سابقًا.
– لا أطلب منك أن تصدقيني الآن. أنا فقط أحتاج إلى فرصة لأريك كل شيء. إذا كنتِ تريدين أن تعرفي الحقيقة كاملة، ستحتاجين إلى أن تعودي إلى حيث بدأنا. المكان الذي احتفظنا فيه بأسرارنا.
هنا، كانت ليان على مفترق طريق. هل ستظل ثابتة في قرارها بترك الماضي وراءها؟ أم أنها ستغادر إلى تلك الأماكن البعيدة التي ربما تحتوي على إجابات مفقودة؟
– إذا كنتَ صادقًا، سأبحث عنك، قالت ليان، وأغلقت الخط بسرعة، لكن قلبها كان يحمل شيئًا آخر غير اليقين. كان يحمل شوقًا قديمًا لم تُسمح له بالتعبير عن نفسه.
شعرت برغبة ملحة في العودة إلى تلك الأيام، حيث كان كل شيء بسيطًا، حيث كانت تنظر إلى رائد بعينين مليئتين بالأمل. ولكن هل كان ذلك الأمل مجرد خيال قديم؟ أم كان يمثل فرصة جديدة تبدأ الآن؟
إلى اللقاء في الفصل القادم
https://lamsatroh80.blogspot.com/2025/07/blog-post_17.html
بقلم: لمسة روح
© جميع الحقوق محفوظة2025
تعليقات