الفصل التاسع: 🌸صوت ما وراء البوابة

 

بعد أن عبرت نوران قرارها الحاسم في البوابة، غمرها ضوء أزرق متوهج، كأنها تغرق في محيط بلا قاع. لكنها لم تشعر بالخوف، بل بشيء أشبه بالسلام الممزوج بالقوة.


لكن سرعان ما تبدل المشهد. وجدت نفسها في مدينة غريبة معلقة بين السماء والنجوم. الأبنية من زجاج يلمع، الجسور من نور، وكل الطرق تؤدي إلى برج هائل في المنتصف، ينبعث منه صوت أشبه بترانيم كونية.

كيان بجانبها نظر حوله باندهاش

هذه ليست مجرد مدينة… إنها عاصمة الأبعاد، حيث يلتقي النور والظلال.


فجأة، سمعوا وقع خطوات قادم من بعيد. ظهر رجل طويل القامة، ملامحه حادة، عيناه أشبه بمرآتين تعكسان كل من ينظر إليهما. كان يحمل عصًا من الكريستال الأزرق.

قال بصوت عميق

أخيرًا وصلتِ يا نوران… البوابة لم تخطئ في اختيارك.

تقدمت نوران بخطوة مترددة

– من أنت؟

ابتسم وقال 

أنا سيرافيل، حارس التوازن. مهمتي أن أختبر القادم من خلال البوابة. كثيرون فشلوا، وقليلون عبروا… لكنك مختلفة.


في تلك اللحظة، ظهرت ليرا، لكنها لم تكن ساخرة هذه المرة. وجهها كان جادًا، عيناها تلمعان بقلق:ي

إياك أن تصدقيه يا نوران! سيرافيل ليس كما يبدو… إنه من صنع الظلال.

كيان صرخ:

أنت تكذبين كالعادة


لكن قبل أن ترد ليرا، اهتزت الأرض النورانية من تحتهم، وخرجت من الشوارع كائنات غريبة: مخلوقات نصفها نور ونصفها ظلام، كأنها تعكس الصراع الأبدي بين الخير والشر.


سيرافيل رفع عصاه، وقال:

هذه هي الحقيقة، نوران. لا يوجد نور كامل ولا ظلام كامل… فقط صراع أبدي. والآن… عليك أن تختاري مرة أخرى: هل ستقاتلين بجانبي لإبقاء التوازن، أم ستسمحين للظلال بابتلاع كل شيء


نوران شعرت أن قلبها ينقسم نصفين… فهي تذكر كلمات ليرا، لكن في ذات الوقت ترى عظمة وقوة سيرافيل.


بينما كانت تفكر، سمعت صوتًا آخر، خافتًا لكنه واضح في داخلها… صوت لم تسمعه من قبل، وكأنه يأتي من ما وراء النجوم

نوران… الحقيقة ليست فيما يُقال لك، بل فيما تختارينه أنت.


رفعت رأسها، نظرت إلى السماء الممتلئة بالنجوم، ورأت شبح والدها للحظة، يبتسم لها بثقة.

دموعها كادت تنهمر، لكن قلبها امتلأ بالقوة. أمسكت يد كيان، وقالت بحزم

لن أكون أداة في يد أحد… لا للنور ولا للظلال. سأخلق طريقي بنفسي


مع كلماتها، انطلقت من جسدها هالة من الضوء والظلام معًا، اندمجت كعاصفة مهيبة جعلت المخلوقات تتراجع، وجعلت سيرافيل نفسه يتراجع بخطوة للخلف، عيناه مليئتان بالدهشة.

ابتسم وقال

الآن فهمت… أنتِ لستِ من يُختبر… أنتِ من سيعيد كتابة القوانين.


أما ليرا، فاكتفت بالصمت، لكن عينيها حملتا خليطًا من الغيرة والدهشة، كأنها بدأت ترى في نوران شيئًا يتجاوز قدرتها.


المدينة النورانية اهتزت، والبرج العظيم فتح قمته كزهرة، ليكشف عن بوابة جديدة، أكبر وأعمق، ينبعث منها صوت يشبه دقات قلب الكون نفسه.

نوران نظرت إليها وقالت

رحلتي لم تنتهِ بعد… بل بدأت الآن.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

انثى لا ترفع الراية البيضاء

صهيل في قلبي 💕 وكتاب ولد من حلم

صباح يشبه النور حين يخجل