الفصل الأول: 🌸الوميض 🌸
في تلك الليلة الهادئة، حين نامت القرية كلها، بقيت نوران ساهرة وحدها، تستمع إلى صمت يزداد ثِقلاً كلما أغلقت عينيها. لم تكن تعرف لماذا تشعر أن جدران غرفتها تضيق عليها، وأن شيئًا ما يختبئ بين ثنايا الظلام.
فجأة، لمع وميض غريب عند زاوية الجدار، وميض لم يكن نور قمر ولا انعكاس مصباح. كان أشبه بنداء صامت، يطلب منها أن تقترب. ارتجف قلبها، لكنها لم تستطع مقاومة الفضول، كأن روحها كانت تنتظر هذه اللحظة منذ زمن بعيد.
مدت يدها بحذر، وما إن لمست الجدار حتى ارتجف كالماء، وانشقَّ عن دوائر ضوئية متداخلة، تتسع وتضيء أكثر فأكثر. شعرت نوران أن الأرض تهتز تحت قدميها، وأن الهواء يثقل بأنفاس لم تعرفها من قبل.
لم تفكر كثيرًا، لم يكن هناك وقت للتردد. كانت تعرف أن هذه ليست صدفة، وأن القدر فتح أمامها بابًا لم يُفتح لغيرها. ومع كل ذرة خوف، كان هناك شوق غامض يدفعها خطوة بعد خطوة نحو الدائرة المتوهجة.
قبل أن تعبر، التفتت حولها، فرأت حجرتها كما هي: السرير الخشبي، الكتب المبعثرة، المصباح المطفأ... لكنها شعرت أن كل ذلك أصبح بعيدًا جدًا عنها. أخذت نفسًا عميقًا، ثم أغمضت عينيها وعبرت.
في لحظة خاطفة، انطفأ كل شيء، ثم انبثق أمامها عالم آخر... سماء لا تعرفها، مليئة بآلاف النجوم، تلمع كحروف من نور، كأنها تريد أن تهمس لها بسرّ قديم.
بقلم لمسة روح
© جميع الحقوق محفوظة 2025
تعليقات