حين همس الليل بإسمه
الفصل السادس –
🌹 ظل المعطف الأسود🌹
في صباح اليوم التالي، كانت المدينة تستيقظ ببطء. ضوء الشمس يتسلل من بين النوافذ الخشبية القديمة، وصوت الباعة في السوق الصغير يختلط بجرس الكنيسة البعيد.
كانت ليان تمشي في الزقاق الضيق المؤدي إلى المخبز، تحمل في يدها سلة صغيرة، وعيناها تلتقطان تفاصيل الجدران المتهالكة وكأنها تحفظ المدينة في ذاكرتها قبل أن يغيّرها الزمن. لكنها، فجأة، شعرت بذلك الإحساس الغامض مجدداً… إحساس أن هناك من يتبعها.
التفتت ببطء، وهناك، على بعد خطوات، كان الرجل صاحب المعطف الأسود. نفس الوقفة الثابتة، نفس النظرة التي تجمع بين الحدة والبرود. لم يتحرك خطوة نحوها، لكنه اكتفى بأن يميل رأسه قليلاً، كما لو كان يحيّيها بصمت.
ارتجفت أصابعها وهي تتمسك بمقبض السلة، لكنها واصلت السير، تظاهرت بأنها لم تلاحظ. عند المخبز، كان آدم ينتظرها، وعندما رآها شاحبة اللون، بادر:
"ماذا هناك؟"
هزّت رأسها: "لا شيء… ربما مجرّد شعور."
لكن قبل أن تغادر المخبز، همس البائع العجوز لها وهو يضع الخبز في السلة:
"ذلك الرجل… لا تثقي به. لقد عاد."
لم تفهم، لكنها أدركت أن هناك قصة قديمة تحيط بهذا الغريب.
في الميناء، كان عم يوسف يراقب البحر كعادته، وعندما لمح الرجل بالمعطف الأسود يمر بالقرب منه، توقف عن تحريك كوب القهوة، ونادى على صياد شاب بجواره:
"اذهب وأخبر الحاج سليمان… قل له إن الظل عاد."
في تلك الليلة، اجتمع بعض الرجال في المقهى الصغير قرب الميناء، يتحدثون بصوت منخفض، بينما جلس المعطف الأسود في زاوية مظلمة، يحتسي قهوته ببطء. لم ينظر إليهم، لكن كل من في المكان كان يعلم… حضوره لم يكن مصادفة.
أما ليان، فكانت في غرفتها تحدق في النافذة، والريح تعصف بالخارج. لم تكن تعرف أن هذا الليل سيكون بداية سلسلة من الأحداث التي ستغيّر مسار حياتها وحياة المدينة بأكملها.
بقلم .......لمسة روح
© جميع الحقوق محفوظة2025

تعليقات