حين همس الليل بإسمه
الفصل الخامس
🌸رياح على الميناء 🌸
كانت السماء ملبدة بغيوم ثقيلة، تتدلى وكأنها تحمل سراً ثقيلاً على وشك الانفجار. الميناء القديم كان يعج بالحركة؛ صيادون يجرّون شباكهم المبتلة، وأصوات الباعة ترتفع فوق صرير الأمواج، بينما رائحة الملح تختلط برائحة القهوة التي يبيعها "عم يوسف" في زاويته المعتادة منذ أربعين عاماً.
على الرصيف الخشبي، كانت ليان تتأمل البحر، تراقب كيف يتغير لونه من الأزرق الفاتح إلى الرمادي الداكن كلما اقتربت الغيوم. خطوات آدم تقترب من خلفها ببطء، لكنها لا تلتفت؛ كانت غارقة في فكرة غامضة، تتأمل في الموج وكأنه يحمل الإجابة.
"أتعلمين؟" قال آدم بصوت منخفض وهو يقف بجانبها، "البحر لا يحتفظ بسرّ… لكنه يعرف كيف يجعلنا نغرق ونحن نبحث عنه."
ابتسمت دون أن ترفع عينيها، ثم سألت فجأة: "وهل البحر يختار من يغرقه؟"
قبل أن يجيب، مرّ أمامهما طفل صغير يركض خلف طائرة ورقية حمراء، كاد أن يسقط في الماء لولا أن أمسك به صياد مسنّ. التفتت ليان إلى الطفل بابتسامة، ثم إلى الصياد وقالت: "شكراً، يا عم." ردّ بابتسامة نصفها مودة ونصفها غموض: "احذروا الرياح، فهي لا تعرف الرحمة."
جلس الاثنان على مقعد خشبي صدئ، والبحر أمامهما كلوحة لا تهدأ. كانت ليان تشعر أن شيئاً ما يقترب، ليس من البحر، بل من حياتها. وفي نفس اللحظة، لمح آدم على البعد رجلاً غريب الملامح يراقبهما من طرف الميناء، يرتدي معطفاً طويلاً أسود، ويقف ثابتاً رغم الرياح، وكأن الزمن لا يمسه.
لم يعلق آدم على الأمر، لكنه شعر بوخزة غريبة في صدره… إحساس بأن هذا الرجل سيكون بداية فصل جديد في حياتهما، وربما ليس فصلاً هادئاً.
بقلم .......لمسة روح
© جميع الحقوق محفوظة2025

تعليقات