حين تكلمت العيون
الفصل الأول: البداية
كان الليل ثقيلاً فوق المدينة، والشارع يضجّ بأضواءٍ لا تعرف النوم. دخلت "ريما" المكتبة القديمة التي تحبها منذ صغرها، رائحة الكتب العتيقة تعانقها، والهدوء يغمر المكان كأن الزمن توقّف عند عتباته. جلست في ركنها المعتاد، تفتح كتابًا بينما عيناها تبحثان عن شيء لا تعرفه.
لم تكن تعلم أن تلك الليلة ستغيّر حياتها إلى الأبد.
بين الأرفف ظهر رجل غريب، لا يحمل ملامح مألوفة، لكن في عينيه بريقٌ أربكها. كان يمشي واثق الخطى، كأنه يعرف كل الطرق حتى المجهولة منها. اقترب منها، واختار كتابًا من الرف المقابل، ثم التفت إليها بابتسامة لم تفهمها.
قال بهدوء:
– "غريبة هي العيون… تتكلم أكثر من الألسنة، وتفشي أسرارًا لا نجرؤ أن ننطق بها."
ارتجفت. لم تفهم كيف سمح لنفسه أن يخاطبها هكذا، لكنها في أعماقها شعرت أنّه لم يكن يقتحمها، بل كان يقرأها. كان صوته دافئًا، يخترق جدارًا من الصمت تراكم حولها سنوات.
ترددت قليلًا قبل أن تقول:
– "ومن قال لك إنني أريد أن تُقرأ أسراري؟"
ضحك بخفة وقال:
– "ليس كل الأسرار نكتبها، بعضها نتركه للعيون لتتكفل بترجمته."
ومنذ تلك اللحظة، بدأت القصة.
---
الفصل الثاني: أسرار لا تُقال
لم يكن اللقاء عابرًا. في اليوم التالي، وجدت نفسها منجذبة إلى المكتبة من جديد، وكأن قوة خفية قادتها إليها. وهناك كان هو، ينتظر، وكأنّه يعرف أنها ستعود.
جلسا طويلًا، يتحدثان عن الحياة كما لو كانا يعرفان بعضهما منذ زمن بعيد. حدثها عن رحلاته، عن المدن التي جابها، عن الكتب التي قرأها، وعن الجراح التي حملها في صدره.
كانت تصغي له بكل حواسها، بينما قلبها يخفق بطريقة لم تعهدها من قبل. لم يكن يشبه أي رجل قابلته، كان مختلفًا… جرئًا في صدقه، ناعمًا في حضوره، وغامضًا كأنه يحمل وراء ظهره حكاية لم يُفصح عنها بعد.
لكنها أيضًا لم تكن عادية.
ريما، تلك المرأة التي خبّأت خلف ابتسامتها قصصًا لم يجرؤ أحد على لمسها. كانت تشعر أنّها في حضرته لا تحتاج أن تتصنّع. ومع ذلك، بقيت هناك أسرار كثيرة لم تبح بها، أسرار قد تغيّر كل شيء إن خرجت للنور.
---
الفصل الثالث: الحريق الأول
في تلك الليلة، عاد كل منهما إلى بيته وهو يحمل ارتباكًا لم يفهمه. كانا يعرفان أن الأمر تخطى حدود الصدفة، وأن شيئًا ما بدأ يشتعل بينهما، شيئًا أكبر من مجرد لقاءين.
ريما جلست قرب نافذتها، تنظر إلى الشارع المبلل بالمطر، وتهمس لنفسها:
– "لماذا الآن؟ لماذا هذا الغريب يهزّني وكأنني كنت نائمة لسنوات؟"
أما هو، فكتب في دفتره الذي لا يفارقه:
"العيون التي تحدثني اليوم… فيها وجدت نفسي أكثر مما وجدت في كل أسفاري."
لم يكن يعرف أن هذه البداية ستقودهما إلى نارٍ لا تُطفأ بسهولة… نار الحب، الشغف، والمواجهة مع الذات والعالم.
---
الفصل الرابع: وجوه الظلال
مرت أيام قليلة، وصارت المكتبة مكانًا لا يعرفه إلا قلبهما. هناك، تتلاقى النظرات قبل الكلمات، وتتشابك الأرواح قبل الأيدي. كان الغريب ـ الذي صار اسمه الآن "آدم" ـ يحكي لها عن مدن بعيدة، عن أنهار شاهدة على حكايات عشق لا تموت، عن كتب حملها معه كأنها أوطان صغيرة.
لكن خلف تلك الكلمات كان هناك ظلٌّ ثقيل يرافقه. كانت عيناه تفضحان شيئًا لا يقوله، كأنهما تحملان سرًّا يطارده حيثما ذهب. ريما شعرت به، لكنها لم تسأله… ربما خوفًا من أن يهدم الجواب الحلم الذي بدأ يزهر في داخلها.
في إحدى الأمسيات، حين ساد الصمت بينهما طويلاً، سألته بصوتٍ خافت:
– "ما الذي تخفيه عني يا آدم؟"
ابتسم نصف ابتسامة، وقال:
– "أخشى إن قلتُه… لن تعودي كما أنتِ الآن."
شعرت برعشة تسري في جسدها، لكنها تجرأت وقالت:
– "إذن دعني أقرر، لا تحرمني من حقي في معرفة الحقيقة."
لكنه لم يرد. بل اكتفى بنظرة عميقة، ثم نهض وغادر، تاركًا وراءه قلبها مضطربًا كبحرٍ هائج.
---
الفصل الخامس: رسالة لم تصل
في تلك الليلة، جلست ريما وحدها بين أكوام من الأوراق. حاولت أن تكتب لتخفف عن نفسها، فخرجت كلماتها متقطعة، كأنها دموع على شكل حروف:
"كيف يمكن لعابر طريق أن يترك كل هذا الاضطراب في داخلي؟ كيف تسلّل إلى روحي بهذه السرعة؟"
وفي الجهة الأخرى من المدينة، كان آدم يكتب رسالة طويلة لم يجرؤ أن يرسلها:
"ريما… هناك أمور لا تُقال بسهولة. هناك ماضٍ يلاحقني، يهدد كل من يقترب مني. لم أرد أن أؤذيك، لكنني أعلم أنني بدأت أحبك أكثر مما ينبغي."
طوى الرسالة ووضعها في دفتره، كأنه يدفن سرًّا جديدًا. لم يعلم أن القدر كان يعدّ لهما لقاءً آخر، أقوى من أن تهرب منه الكلمات أو تُخفيه الأوراق.
الفصل السادس: ما بين السطور
عادت ريما إلى المكتبة وهي تشعر أن الأرض لم تعد كما كانت، كأن خطواتها أثقل، وعيناها تبحثان عن شيء غامض. كانت تتمنى أن تجده هناك، لكنه لم يأتِ. جلست بين الكتب كعادتها، لكنها لم تقرأ حرفًا. كل ما كانت تفعله هو الإصغاء لفراغٍ داخلي يزداد اتساعًا.
بينما كانت تقلّب كتابًا عشوائيًا، وجدت ورقة صغيرة مطويّة بين صفحاته. فتحتها بارتجاف، فإذا بها جملة بخط يد مألوف:
"أحيانًا، لا نملك الشجاعة لقول ما نشعر به، فنتركه بين السطور لعلّ من نحب يكتشفه."
عرفت أن آدم كتبها. شعرت برعشة غريبة، كأن كلماته تحاصرها حتى وهي غائب. لم تفهم لماذا يتركها في هذا الغموض، لكنها في أعماقها أحسّت أن الحكاية لم تنتهِ بعد.
---
الفصل السابع: اللقاء المعلّق
بعد أيام من القلق، عاد آدم إلى المكتبة. كان وجهه أكثر إرهاقًا من قبل، لكن عينيه ظلّتا تحملان ذلك البريق الذي يربكها. جلس قربها وقال بهدوء:
– "اشتقت للحديث معك، لكنني كنت أخشى أن أقربك أكثر."
نظرت إليه مطولًا ثم قالت:
– "كلما ابتعدت، تركت في قلبي فراغًا أوسع. فلماذا تعود إذن؟"
تنهد بعمق وقال:
– "لأنني لا أستطيع الهروب منك."
كانت الكلمات مثل اعتراف لم تتوقعه. لأول مرة شعرت أنه يعترف بحقيقة مشاعره، لكنه ما زال يخفي شيئًا أثقل من الحب نفسه.
---
الفصل الثامن: ظلّ الحقيقة
كانت ريما تظن أن قصة آدم مليئة بالأسفار والكتب، لكن الحقيقة بدأت تلوح خلف ستارٍ من الغموض. ذات ليلة، رأت في يده جرحًا قديمًا لم يُشفَ تمامًا. سألته، فحاول أن يخفيه، لكن إصرارها جعله يقول أخيرًا:
– "ريما… أنا لم أعش حياة عادية. هناك ماضٍ قاسٍ لا أريد أن يلمسكِ."
ارتجفت من كلماته، لكنها لم تهرب. بل وضعت يدها على يده وقالت:
– "كلنا نحمل ماضينا، لكن من يختار أن يبقى، هو من يصنع حاضرنا."
نظر إليها بدهشة، وكأنها انتزعت من داخله سراً كان يثقل صدره. ومع ذلك، ظلّت الحقيقة الكاملة بعيدة عن لسانه.
---
الفصل التاسع: المطر الذي لم يتوقف
في إحدى الأمسيات الممطرة، اجتمعا في المكتبة بينما قطرات المطر تتساقط على الزجاج مثل لحن حزين. جلسا صامتين، وكأن كل شيء حولهما يتكلم بدلًا عنهما.
فجأة قال آدم:
– "ريما، هل تؤمنين أن بعض اللقاءات قد تغيّر مصيرنا؟"
أجابته وهي تحدق في المطر:
– "أؤمن أن بعض الأرواح خُلقت لتلتقي، مهما طال الطريق."
ابتسم، لكن ابتسامته كانت مكسورة. كان يعرف أن بينهما شعلة لا يمكن إطفاؤها، لكنه كان يخشى أن ينطفئ كل شيء حين تنكشف الحقيقة.
---
الفصل العاشر: الحاجز
بدأت ريما تشعر أن هناك جدارًا خفيًا بينهما. هو يقترب، لكنها لا تلمس قلبه تمامًا. يسرد لها قصصًا عن أسفاره، لكنه لا يحكي ما يؤلمه حقًا.
وفي ليلة صاخبة بالأسئلة، قالت له:
– "آدم، الحب لا يعيش خلف الحواجز. إما أن تفتح قلبك، أو ستخسرني."
ساد صمت طويل. نظر إليها بعينين دامعتين، ثم همس:
– "أخشى أن فتحته… لن تبقي بجانبي."
لم تجبه، لكنها شعرت أن اللحظة اقتربت، اللحظة التي سيواجهان فيها معًا الحقيقة مهما كانت قاسية.
الفصل الحادي عشر: ارتجافة الخوف
كانت ريما تلك الليلة كطائرٍ صغيرٍ حُبِس في قفص من القلق. جلست قرب نافذتها، تتأمل ضوء القمر الذي انسدل على المدينة كخيطٍ فضيٍّ ناعم، لكن قلبها لم يعرف الطمأنينة. كلماته الأخيرة ظلّت تتردّد في أذنها كجرس إنذار:
"أخشى أن فتحت لك قلبي… لن تبقي بجانبي."
أيخشى منها؟! أهي بذلك الضعف في نظره، أم أنه يخاف على نفسه من انكسارٍ جديد؟ تساءلت ريما في سرّها: كيف يمكن للحب أن يكون سببًا للخوف، بينما هي لم ترَ فيه إلا الأمان؟
حين التقت به صباحًا، لم تستطع أن تُخفي ارتجاف صوتها، لكنها وقفت أمامه بكل ما تملك من شجاعة. نظرت في عينيه مباشرة وقالت:
– "آدم، إن كنتَ تخشى أن أخذلك، فهذا لأنك لم تعرفني حقًّا بعد. لستُ من أولئك الذين يفرّون عند أول جرح، أنا أبحث عن الضوء الذي يخترق الظلال، لا عن الهروب منها."
تأمل ملامحها، وكأنها تعيد رسم شيءٍ في داخله كان قد تلاشى. لكنه اكتفى بابتسامة حزينة، وهمس بصوت خافت:
– "لكن الضوء أحيانًا يحرق… وحين يحرق لا يترك سوى رماد."
ارتعش قلبها، لكنها اقتربت منه أكثر، حتى شعرت بحرارة أنفاسه، وقالت بلهجة يملؤها الإصرار:
– "وأنا أفضل أن أحترق معك، على أن أعيش باردة بلا معنى."
كانت تلك اللحظة فاصلة. صمته لم يكن ضعفًا، بل عجزًا عن مجاراة قوة إصرارها. كأنها تقدّم له وعدًا سريًا: أن تبقى، مهما كان الخوف الذي يحمله في قلبه.
وفي داخله، شعر آدم بشيء يتصدّع، جدار من الحذر طالما أخفى وراءه كل ما هو حيّ فيه.
لكن هل يكفي الحب وحده ليهزم ذلك الخوف العتيق؟
الفصل الثاني عشر: بين الظلال والضوء
لم تكن ريما تعرف أن الليل يمكن أن يُثقل صدرها إلى هذا الحد. كانت المدينة نائمة، لكن قلبها ساهر، يطارد سؤالًا واحدًا: هل يكفي الحب كي ينجو من الخوف؟
جلست في المكتبة التي أصبحت ملاذها منذ لقائه الأول، تحيط بها رفوف الكتب الصامتة كأنها شهود على حكاية لم تكتمل. أراحت رأسها على طاولة خشبية قديمة، تشتمّ فيها رائحة الورق العتيق، وكأنها تستمد منه عزاءً.
بينما كانت غارقة في شرودها، ظهر آدم فجأة، كأن خطواته نسجت خيوط القدر. لم يكن بينهما موعد، لكن روحيهما بدا وكأنهما تتعمدان اللقاء. جلس أمامها بصمت، ينظر إليها نظرة من يحمل سرًّا عميقًا لا يبوح به.
تردّدت قليلًا قبل أن تكسر ذلك الصمت الثقيل:
– "أتعلم؟ الكتب منحتني ما لم يمنحني الواقع… صدقًا لا يعرف الأقنعة، وحقيقة لا تُزيّنها الكلمات."
ابتسم بمرارة وقال:
– "لكن الكتب لا تُجرح… البشر وحدهم من يملكون هذه القدرة."
رفعت رأسها ببطء، وعينيها تلمعان بضوءٍ خافت انعكس من المصباح القديم فوق الطاولة:
– "صحيح… لكن البشر وحدهم أيضًا من يمنحون الحياة معنى."
ساد صمت آخر، لكنه لم يكن هذه المرة خانقًا، بل ممتلئًا باحتمالات لا تُحصى. كان في داخله صراع، بين رغبة جارفة في الانتماء إليها، وبين خوف يلتصق به كظلّ لا ينفكّ عنه.
اقترب قليلًا، حتى كادت أصابعه تلامس يدها المستندة على الطاولة. ارتجفت ريما، ليس من الخوف، بل من شدّة القرب.
حينها همس:
– "أخشى أن تكوني معجزة… وأنا لا أؤمن بالمعجزات."
أجابت بثباتٍ غريب، وكأنها تقاوم كل هشاشتها:
– "وإن كنتُ معجزة، فاسمح لنفسك أن تُصدّق مرة واحدة… علّ الحياة تتغيّر."
كانت تلك الكلمات كشرارة في ليلٍ طويل، أشعلت داخله شيئًا لم يعرف كيف يصفه. بين الظلال والضوء، كان عليه أن يختار: الاستسلام للخوف، أم الانصياع لقلبٍ بدأ يثور عليه.
الفصل الثالث عشر: ارتباك القلب
كانت ريما تمشي في طرقات المدينة، خطواتها بطيئة، كأنها تخشى أن يُسقط الطريق عنها كل الأقنعة. منذ لقاءها الأخير بآدم، لم تهدأ روحها، ولم تعرف النوم سبيلًا إليها. كل كلمة قالها ظلت تطن في رأسها، وكل نظرة منه حفرت أثرًا عميقًا في قلبها.
أما هو، فكان يهرب إلى عزلته، لكنه لم يستطع الهروب من صورها التي تتسلل حتى في صمته. حاول أن يقنع نفسه بأن الاقتراب منها خطر، وأن قلبه ليس مستعدًا لرهان جديد، لكن الحقيقة كانت أوضح من كل هروبه: ريما أصبحت وطنًا لا يمكن الفرار منه.
في إحدى الليالي، جمعهما الطريق صدفة، أو ربما لم تكن صدفة بل مكيدة من القدر. كان المطر يتساقط برفق، والمدينة تتلألأ كأنها تحتفل بلقائهما. نظرت إليه بعينيها الكبيرتين وقالت:
– "أتعلم؟ أحيانًا أظن أني أعيش حياة لا تخصني."
فأجابها بعد صمتٍ قصير:
– "وربما حياتك تنتظر أن تختاريها أنتِ، لا أن تختارك."
شعرت أن كلماته كسرت شيئًا في داخلها، لكنها في الوقت ذاته أشعلت فيها قوة جديدة لم تعرفها من قبل.
---
الفصل الرابع عشر: اختبار الحلم
بدأت ريما تدرك أن حبها لآدم لم يعد مجرد عاطفة عابرة، بل أصبح امتحانًا لقوة روحها. كانت تعرف أن اختياره يعني مغامرة، وأن الاستمرار معه يعني الدخول إلى متاهة غير مضمونة النهايات.
في تلك الليلة، اجتمعا مرة أخرى في المكتبة. جلست تقرأ بصوتٍ خافت إحدى القصائد التي أحبها قلبها، بينما كان ينصت إليها كأنها موسيقى تُعيد ترتيب روحه.
قال لها بعد أن أنهت القراءة:
– "صوتكِ يشبه الطرقات الخفية إلى داخلي… يفتح أبوابًا كنت أظنها مغلقة."
ابتسمت بحياء:
– "وما نفع الأبواب إن بقيت مغلقة إلى الأبد؟"
اقترب منها خطوة، ثم همس:
– "الخوف هو القفل، وأنتِ المفتاح."
---
الفصل الخامس عشر: بين الحقيقة والوهم
تزايدت لقاءاتهما، لكن مع كل لقاء كانت الأسئلة تكبر أكثر. ماذا يريد آدم حقًا؟ هل يملك الشجاعة ليترك خلفه كل قيوده؟ وهل تستطيع ريما أن تمنح قلبها بلا تردد؟
في إحدى الأمسيات، أخبرها بحقيقة أربكتها:
– "أنا لست الرجل الذي تظنينه… حياتي مليئة بالندوب، وقلبي ليس صفحة بيضاء."
فأجابته بثقة:
– "لا أريد قلبًا خاليًا من الندوب، بل قلبًا يعرف كيف يداوي نفسه، وكيف يداوي من يحب."
كانت كلماتها كمرآة كشفت له أن الحب لا ينتظر الكمال، بل يبحث عن الصدق. ومنذ تلك اللحظة، بدأ يسلّم نفسه تدريجيًا إلى ما كان يخشاه: الحلم بها.
---
الفصل السادس عشر: اشتعال الروح
لم تعد ريما تستطيع أن تنكر ما تشعر به، ولم يعد آدم قادرًا على مقاومة اندفاعه نحوها. بدا كل شيء من حولهما مختلفًا، كأن الكون يعيد صياغة نفسه من أجلهما.
في لحظة جنون، أمسك يدها وسط الطريق العام، والناس يمرون من حولهما. لم يبالِ بالعيون، ولا بكلام الآخرين. قال لها:
– "دعينا نكسر الخوف معًا… لم يعد يهمني سوى أن أكون معك."
ارتعشت يداها في يده، لكنها لم تسحبها. شعرت أن هذه اللحظة كانت إعلانًا عن بداية حياة جديدة، حياة لا تشبه ما عرفته من قبل.
---
الفصل السابع عشر: صراع المصير
لكن للحياة دائمًا امتحانها. لم يكن الطريق مفروشًا بالورود، فقد بدأت الضغوط من حولهما تتزايد، وبدأت الظروف تختبر قوة مشاعرهما.
ذات مساء، جاءها مرتبكًا، يحمل في عينيه قلقًا عميقًا:
ربما لن أستطيع أن أكون معك كما تحلمين… حياتي معقدة أكثر مما تظنين.
أمسكت بيده بقوة وقالت:
أنا لم أعشق حياتك… أنا أعشقك أنت. وما يعقدك، سأفككه معك.
كانت كلماتها كسيف قطع خيوط الشك، لكنه في داخله كان يعرف أن الصراع لم ينتهِ بعد.
---
الفصل الثامن عشر: ميلاد جديد
جاء الفجر بعد ليل طويل. كانا يقفان معًا على شاطئ البحر، الأمواج تتلاطم والريح تحمل معها نكهة الحرية. وقف آدم أمامها وقال:
اليوم، أريد أن أختار… أن أختار أن أبقى.
اغرورقت عينا ريما بالدموع، لم تصدق أن اللحظة التي انتظرته
ا قد جاءت أخيرًا. فتح ذراعيه فاندفعت إليه كمن وجد وطنه الأخير.
لم يعد الخوف سيدًا عليهما، بل صار الحب هو الحاكم الجديد. لم تكن قصتهما مجرد حكاية عاطفية، بل كانت رحلة بحث عن شجاعة العيش بصدق.
وفي صمت البحر العميق، وُلد لهما فجر جديد… فجر لا يعرف التردد، ولا يهاب النهايات

تعليقات