الفصل التاسع عشر: الصورة التي لم تُحرق

  


الدرج العتيق أنين تحت وقع خطوات غامضة، كأن الخشب يئن من حمل سر ثقيل يعود معه من يطأه. العيون كلها معلّقة عند مدخل الظل، الأنفاس محتجزة بين الصدور، والخوف يسابق الفضول في سباق لا فائز فيه.


سارة لم تترك يد آدم، لكن إحساسها تغيّر، لم تعد مجرد ضحية تبحث عن الأمان، بل صارت شريكة في مواجهة مصير مجهول. ليلى التصقت بالجدار، عيناها تراقبان كل حركة، فيما كريم بدا وكأنه يرى شبحًا نهض من بين رماد الماضي ليطارده.

وأخيرًا ظهر رجل في منتصف العمر، ملامحه نصف غارقة في الظلام، وصوته الأجشّ ارتجف مع صدى الغرفة وهو يقول:

"انتو ما كانش لازم تفتحوا الدفتر."

كريم انتفض واقفًا، عرق بارد انسدل على جبينه، همس بصوت يكاد لا يُسمع:


"إنت… إزاي؟ كنت فاكر إنك اختفيت."


سارة استدارت بحدة نحو كريم، عيناها تتوهج بالغموض:ه‍

"مين ده يا كريم؟ إيه اللي بتخبيه عنا تاني؟"

آدم تقدّم بخطوة ثابتة، نبرته صارمة وقاطعة:

"كفاية ألغاز. لو عندكوا أسرار تانية، لازم تتقال دلوقتي قبل ما نتحول كلنا لضحايا."


الرجل الغامض ابتسم ابتسامة باردة، ثم مد يده ببطء، وأخرج صورة قديمة، أطرافها محروقة لكن وسطها ما زال واضحًا. كانت صورة تجمع نادية مع وجوه مألوفة.

ليلى شهقت، صوتها متقطع:

"مستحيل… دول ناس إحنا نعرفهم! إزاي كانوا معاها؟"

الرجل رفع عينيه إليهم، وفي صوته مرارة ممزوجة بتهديد:


"الحقيقة عمرها ما بتموت. الناس اللي في الصورة دي عاملين نفسهم أبرياء، بس هما اللي بنوا الكذبة، وهم نفسهم اللي مستعدين يدفنوا أي حد يقرب من سرهم."


كريم صرخ لأول مرة، صوته ممتزج بالخوف والغضب:

"كفاية صمت! أنا تعبت من الهروب. الليلة دي… كل شيء لازم يتكشف."


وقبل أن يرد أحد، انطفأت الأنوار فجأة. الغرفة غرقت في ظلام دامس، والبرد اخترق المكان كأن الليل نفسه اقتحمهم.


صرخة عالية شقت السكون، تبعتها أصوات ارتطام وعراك، كأن أيادي خفية تمزّق الحائط الفاصل بين الماضي والحاضر


سارة فقدت قبضة آدم في الظلام، وذُعرها بلغ ذروته، لكنها تذكرت كلماته: "لما نواجهها سوا، كل حاجة تبقى أهون."، فتقدمت رغم ارتعاش جسدها، محاولة تتبع صوته.


داخل الفوضى، ارتفع صوت الرجل الغامض من العتمة:


"لو عايزين تعرفوا الباقي… لازم تدفعوا الثمن."


وبينما الأجساد تتخبط في الظلام، شعرت سارة بأن هذه اللحظة ليست مجرد مواجهة عابرة، بل بداية حرب حقيقية على الماضي، حرب ستغيّر مصائرهم إلى الأبد.






⬅️ السابق:


F الفصل السابق (




➡️ التالي:


F الفصل القادم (ضع رابط الفصل القادم 


هنا)




بقلم لمسة روح


© جميع الحقوق محفوظة 2025

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

انثى لا ترفع الراية البيضاء

صهيل في قلبي 💕 وكتاب ولد من حلم

صباح يشبه النور حين يخجل