الفصل الرابع: "قلب بين الكحول والضحك"

 


اليوم ده كان مختلف، أم سارة صممت إنها تسيب العريس العروسة يخرجوا لوحدهم عشان يتعرفوا أكتر، وسارة كانت متوترة جدًا وهي واقفة قدام المراية تظبط طرحتها. في بالها مشاهد كتير: الكمامة، الجوانتي، الكحول اللي ما بيفارقش إيده… وقالت لنفسها: يا رب اليوم يعدي من غير ما أتحول معقم متنقل.


آدم جه عربيته، وكالعادة العربية كلها معقمة، والكراسي مغطاة بكيس بلاستيك. أول ما فتحت الباب، لقت وردة حمرا صغيرة مرمية على الكرسي جنبها، ملفوفة في كيس شفاف. بصت له باستغراب، وهو قال بابتسامة خجولة:

 الورد خطر من غير حماية.. بس أنا  مقدرتش أجيلك من غير هدية.


سارة تفاجئت وقلبها دق بسرعة، لكنها خبت ارتباكها وقالت بسخرية:

يعني حتى الورد اتحبس. كده مش هعرف أشمه.

آدم مد إيده وفتح الكيس بهدوء:

ـ هو معمول عشان يتفتح بين إيديك إنتي بس.


سكتت لحظة وبصت له، لأول مرة حست إن ورا الكمامة  وساوس في إنسان عادي… يمكن أدفأ من اللي متصورة.

العربية مشيت، ووصلوا كافيه على النيل، هادي بعيد عن الزحمة. القعدة كانت بسيطة، الجو كان عليل، وسارة كالعادة بتتكلم بحماس وتضحك على نفسها، وآدم كان ساكت أغلب الوقت لكنه مركز معاها بشكل يخليها تحس إن كل كلمة بتقولها ليها قيمة. فجأة الهوا شد طرحتها، وكادت تقع، بس آدم بسرعة مد إيده ومسكها قبل ما تنزلق. قرب منها بشكل خلى قلبها يتلخبط، وقال بخجل:

إنتي مش واخدة بالك.. ضحكتك أنضف من أي تعقيم في الدنيا.


الكلمة دي كسرت جدار بينه وبينها، سارة ضحكت بخجل وقالت:

 يا راجل!  كنت فاكرة إنك بتحب صوت الكحول أكتر من أي حاجة.

آدم رد بصوت واطي

 يمكن دلوقتي لقيت حاجة أهم.


سارة ما لقيتش رد، لكنها أول مرة تلاقي نفسها مش عايزة تغيّر الموضوع بسرعة. الجو بقى أهدأ، والعربية رجّعتهم يتمشوا جنب النيل. فجأة طفل صغير جري ووقع على الأرض قدامهم. سارة بسرعة حضنته، تهوّنه وتضحكه، والولد كان ماسك فيها بقوة. آدم اتجمد في مكانه، ملامحه فيها نفس الخوف القديم، لكنه لما شافها ماسكة الطفل كأنها أمه، خد نفس عميق ومد إيده من غير جوانتي لأول مرة، وساعد الطفل يقف.


سارة بصت له بدهشة، وعينيها فيها لمعة:

آدم!    إيدك من غير حماية؟

آدم وهو لسه ماسك إيد الولد، وباصص في عينيها:

يمكن الحماية الحقيقية إنك تكوني جنبي.


الكلمة نزلت عليها زي صاعقة دافئة. وشها احمر، وما لقيت شي حاجة تعملها غير إنها تبتسم ابتسامة خجولة تبص بعيد.


الوقت عدى بسرعة، ولما وصلها لحد بيتها، وقفت عند باب العربية مترددة. آدم نده عليها قبل ما تنزل:

 سارة…

التفتت له، وقال وهو بيتكلم بصوت أهدى من أي مرة فاتت:

 أنا مش عارف أقول إيه.. بس وجودك معايا النهارده حسسني إن الدنيا مش مرعبة زي ما كنت فاكر.


سارة قربت وقالت بخفة دم، لكن نبرة صوتها المرة دي فيها دفء جديد:

ـ وأنا حسيت إن ورا الكحول والكمامة.. في قلب يخالف يحب.


ابتسم آدم ابتسامة صافية، كأنه لأول مرة بيبان على طبيعته، وقال بهدوء:

يمكن لقيت القلب اللي مش محتاج تعقيم.


سارة نزلت من العربية وهي قلبها بيدق بسرعة، ولأول مرة من ساعة ما بدأت ا

لحكاية، سألت نفسها: هو أنا… ممكن أحبّه؟



بقلم لمسة روح

© جميع الحقوق محفوظة 2025


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

انثى لا ترفع الراية البيضاء

صهيل في قلبي 💕 وكتاب ولد من حلم

صباح يشبه النور حين يخجل