بذرة الحياة
كأن في الروح بذرة لا تموت
تنتظر المطر بصبر الجبال
وحين يأتي الغيم تميل إليه برفق
كمن يعرف أن العطاء لا يُطلب بل يُستشعر
كأن الطريق مهما التوى
يبقى يعرف وجه الخطوة الأولى
كأن الضياع نفسه كان دليلا خفيًا
يعلمني أن أرى لا بعيني بل بنور قلبي
كأنني حين أنحني للوجع
أكتشف أن في الانكسار جمالا لا يُرى
وأن ما ينكسر لا يضيع
بل يعود ناعمًا كالماء
يتسلل إلى الفراغ فيملؤه حياة
كأن كل ما عبرني من وجع
كان يهيئ لي ملامح الطمأنينة
كأن الحزن حين مرّ
لم يكن ضيفا بل معلمًا نسي أن يقول اسمه
كأن الله في كل التفاصيل الصغيرة
في لمعة العين حين تهدأ
في ارتجافة الحرف قبل أن يُولد
في العزلة التي تفتح أبواب الفهم
وفي الصمت الذي يخبئ بداخله ألف معنى
كأنني أتعلم من الضوء
كيف يجيء بلا صوت
وكيف يمسّ الجدار البارد
فيسقيه دفئا من لا شيء
كأن السلام ليس نهاية الطريق
بل بدايته التي نسيناها
كأن النور لا يُرى بالعين
بل يُحس في العمق حين نصمت أخيرا
كأن في قلبي نهرًا لم يجف
يمرّ خفيفًا بين مساحات الغياب
يحمل سرًّا لا يُقال
ويغسل عني ما أثقله الدهر من ألوان التعب
كأنني حين أُغلق عيني
أرى ما لا يُرى
وألمس ما لا يُمس
وأسمع في البعيد نداءً يعرفني
كأن الوجود كله يهمس
ويقول لي عدتُ إليك
كأن الحرف يهب من رماده
ويعود طفلاً في يدي
يبحث عن ضوءٍ قديم
عن دفءٍ خبأه الزمن في أطراف المساء
كأن الروح تمشي على أطراف الحلم
وتنثر من مداها عطرا لا يُشبه أحد
كأن اللطف يجيء من حيث لا يُنتظر
ويجلس بهدوءٍ على مقعد القلب
ليقول إن السلام لم يغب
كأن الأشياء التي ظننتها انطفأت
ما كانت إلا قناديل خفية
تنتظر الليل لتضيء
كأن الطريق الذي تاه بي
كان الطريق إليّ
بقلم لمسة روح
© جميع الحقوق محفوظة 2025
تعليقات