الفصل التاسع. ظل الحقيقة حين يقترب
كانت الكلمات التي قالها كمال كافية لتغيير ملامح اللحظة كلها
نوال صمتت تماما
والبطلة أحست أن الهواء صار أثقل وأن البحر الذي أمامها بدأ يفقد صفاء موجته
قالت البطلة بصوت منخفض
كمال اشرح كلامك
من تقصد بالثلاثة
جلس على طرف المقعد وكأن كتفيه يحملان ثقل سنوات طويلة
قال
ريم قبل أن تختفي تركت وراءها ثلاثة مفاتيح للحقيقة
كتبت ملاحظات مبعثرة وسلمت كل جزء منها لشخص مختلف
وقالت لي
إذا حدث شيء غير طبيعي
سيعرف كل واحد منهم أنه يحمل جزءا من حكاية لم تكتمل
قالت نوال بصوت مرتجف
ومن كان أولهم
قال كمال
أنت يا نوال
تجمدت نوال للحظة
ثم قالت دون أن ترفع رأسها
كنت أخشى أن تقول هذا
نعم
ريم أعطتني دفترها الصغير قبل اختفائها بأيام
وجعلتني أعدها ألا أفتحه إلا حين ينهار أول جدار من الصمت
قالت البطلة
وأين هو الآن
قالت نوال
ما زال عندي
لكن لم أفتح صفحة واحدة منه منذ عشرين عاما
سألته البطلة
ومن الثاني
قال
سليم
شهقت البطلة
وسليم الذي لم يكن بعيدا عن المقهى في تلك اللحظة كان يشعر بنفس الضيق في صدره رغم أنه لم يسمع شيئا
قال كمال
سليم كان يعمل مساعدا لريم في تحقيقها الأخير
وكان آخر من رأى مسودتها قبل أن تختفي
لكنه لم يعرف مدى خطورة ما كتبته
سألت البطلة
والثالث
نظر كمال إليها نظرة مباشرة
وقال
عمر
شعرت البطلة بصدمة حقيقية
قال كمال
ريم لم تكن تثق بكثيرين
لكنها كانت ترى في عمر الشخص الوحيد القادر على إكمال ما بدأته
رغم أنها كانت تعلم أنه قد يهرب في اللحظة الحاسمة
قالت البطلة
وماذا عنك أنت
قال
دوري لم يكن جزءا من الحقيقة
بل جزءا من الظل
كنت الشخص الذي كانت تلجأ إليه عندما تشعر أن أحدا يلاحقها
وكنت الشاهد على آخر ليلة لها
ولم أنس ما سمعته منها
قالت لي
إذا اختفيت
فلا تبحث عني
ابحث عن السبب
سكت كمال قليلا ثم تابع
السبب لم يكن الحادث
ولا الطريق
ولا السائق
كان شيئا أكبر بكثير
شيئا يخشاه عمر ونوال وسليم
لأنهم في لحظة ما
وقفوا على حافة الحقيقة ثم تراجعوا
قالت البطلة
وأنا
ما علاقتي بكل هذا
قال
أنت لست جزءا من الماضي
أنت جزء من المستقبل
لكن الحقيقة تبحث عن شخص لا يخاف أن يرى
ومن الواضح أنها اختارتك
في هذه اللحظة
رن هاتف كمال
نظر إلى الشاشة
فتغير وجهه فجأة
قال
يجب أن نذهب
الملف الذي كان مع عمر إختفى
بقلم لمسة روح
© جميع الحقوق محفوظة 2025
تعليقات