حين كنا بخير ولم نكن نعلم

كنا نعيش بلا ضجيج ولم تكن الحاجة للشرح تؤلمنا

كنا نلتقي على نية الفرح ونفترق دون أن نعتذر

كنا نغضب ونصمت ثم نعود كأن شيئا لم يكن

لم نكن نعرف معنى المسافات ولا تفسير السكوت ولا تحليلات الوجوه المتعبة

كنا نحمل حقيبة واحدة للمدرسة ولم نحمل فوق ظهورنا هذه الحياة الثقيلة

لم نكن نُحسن التصنّع ولم نحترف التجمّل ولم نكترث لما يقال عنا خلف ظهورنا

كنا نضحك بملء صدورنا ونبكي وننطفئ ونعود بلا سؤال ولا شكوك ولا تبرير

كان العالم صغيرا يكفينا وكانت القلوب واسعة لا تُضيّق علينا

كانت الأرصفة شاهدة على أحلامنا لا على تعبنا وكانت الطرقات تمضي بنا لا منا

كانت البيوت تمتلئ بالعائلة لا بالصمت وكانت الأبواب لا تغلق إلا عند النوم

كان الناس أصدق والقلوب ألين والنيات أنقى

كان الغياب مؤقتا واللقاء سهلا والرسائل لا تحمل خوفا من التأويل

اليوم كل شيء تغيّر كل شيء صار بحاجة إلى إذن

إذن للبوح إذن للغضب إذن للرحيل إذن للبقاء

صرنا نعيش داخل أسئلة لا تنتهي داخل وجوه لا نعرفها داخل مجاملات تؤلمنا

صرنا نخاف من الحب نخاف من القرب نخاف من أنفسنا

صرنا نشتهي جلسة قديمة مع من رحلوا وابتسامة كانت تسبق كل شيء

صرنا نحمل هواتف ذكية ولكننا فقدنا ذكاء العفوية ودفء البساطة

صرنا نبحث عن لحظة واحدة فقط تذكرنا كيف كنا قبل أن نتعلم أن نخاف

ونشتاق الآن لكل شيء

لأم تمشط شعرنا دون أن تعِدنا بشيء

لأب ينادينا دون مصلحة

لأصدقاء لا يفتشون خلف كلامنا

نشتاق لحياة لم تكن سهلة ولكنها كانت أصدق

نشتاق لطفولتنا التي لم تكن تعرف شيئا عن خذلان الكبار

نشتاق لقلوبنا القديمة قبل أن تعرف معنى القسوة

وقبل أن تُحب وتُخذل وتُسامح ثم تُخذل من جديد

بقلم ....✍لمسة روح