المشاركات

عرض المشاركات من أغسطس, 2025
صورة
  ليست كلُّ الأقدار زواجًا، بعضها امتحانٌ يفضح الصبر، وبعضها عطيةٌ تُشبه الفردوس، فامرأةٌ صالحةٌ قد تجعل من العمر عيدًا، وأخرى قد تُسقيكَ المرَّ في قدحٍ من عسلٍ مزيَّف. واعلم أنّ الجمال وحده لا يُقيم بيتًا، وأنّ الطيبة إن غابتْ، أطفأتِ الألوان وصارت الأيام رمادًا. فابحث عن قلبٍ يُساندك لا عن وجهٍ يُبهرك، ابحث عن يدٍ تصونك لا عن عينٍ تُغريك، ابحث عن امرأةٍ إذا ضاقت الدنيا وسّعتك، وإذا انكسر فيك الرجاء رمَّمتهُ بحنانها. فمن نال امرأةً حكيمة، نال وطنًا يأوي إليه، ومن ابتُلي بامرأةٍ خاوية، عاش غريبًا  حتى وهو في حضنها. By Roh Alhayat © All rights reserved 2025

الفصل السابع عشر – ضيف من الظلال

  بعد أن هدأ صخب الجزيرة، جلست نوران قرب النهر المضيء، تحاول استعادة أنفاسها. كانت تشعر أن روحها أثقل من جسدها، وأن كل خطوة تخطوها تدفعها نحو مصير لا عودة منه. أما آيدن، فقد جلس صامتًا، يراقبها بعيون يكسوها القلق، وكأنه يخشى أن تنطفئ فجأة. وفجأة، اخترق السكون صوت غريب، أشبه بتمتمة تُتلى من مكان بعيد. التفتت نوران، لترى على حافة الجزيرة شخصًا يقف في الظل، طويل القامة، يلفّه عباء سوداء كأجنحة الغراب. كان الغريب يحمل عصًا من عظم، يعلوها حجر أسود يتوهّج بضوء باهت. قال بصوت مبحوح لكنه نافذ: – "أخيرًا وصلتِ… يا من كُتب اسمها على جدار الزمن." نهض آيدن بسرعة، واضعًا يده على مقبض سيفه: – "من تكون؟!" ابتسم الغريب بسخرية: – "مجرد عابر من الظلال، اسمي زاهر. كنتُ شاهدًا على ما ضاع، وحارسًا لما لم يُكشف بعد. وجودكما هنا يهدد التوازن، لكن ربما… ربما تكونان الأمل الأخير." شعرت نوران ببرودة تسري في عروقها عند سماع اسمه، كأن روحها تعرفه رغم أنها لم تره من قبل. سألته بنبرة حازمة: – "لماذا ظهرت الآن؟ وما الذي تريده منا؟" اقترب زاهر ببطء، وكل خطوة منه كانت تُحدث اهتز...

حين ينهض الصمت

صورة
         🌸نحن لا نُهزم حين نسقط، بل حين نرفض النهوض. فالطرق المظلمة ليست نهاية، إنما امتحان لقوة الخطوة القادمة. كل جرحٍ يترك أثرًا، لكنه أيضًا يترك بابًا مفتوحًا لوعيٍ جديد. وكل صمتٍ نحمله في أعماقنا هو صرخة مؤجلة، تعود لتصنع منّا أشدّ صلابة. لسنا ضحايا ما يحدث لنا، بل شهود على قدرتنا أن ننهض من تحت الركام. وما من ليلٍ مهما طال إلا ويستسلم عند أول نفس للفجر.

الفصل السادس عشر – الجزيرة التي تتنفس

 توقفت نوران في مكانها، والنداء يتردد في أرجاء الفضاء الجديد. عرفت الصوت جيدًا… ذلك الصدى الذي كانت تسمعه في أحلامها منذ طفولتها. كان صوت أمها، التي رحلت قبل سنوات طويلة. تسارعت أنفاسها، وشعرت بجسدها يختلّ كأن الأرض تُسحب من تحتها. أمي…؟ أأنتِ هنا؟ فجأة، ظهرت أمامها جزيرة معلّقة، تنبض كالقلب، وتتنفس كصدرٍ يعلو ويهبط. على سطحها أشجار متوهجة تضيء بلون الزمرد، وأنهار من ضوء سائل تجري دون أن تسقط من حافتها. هناك، بين الأشجار، كانت تقف امرأة ترتدي ثوبًا من نور، ملامحها تشبه ملامح الأم، لكن عينيها تخفيان شيئًا أكبر من الحنان: قوة لا حدود لها. قالت المرأة: أنا لستُ أمك كما تتذكرين، بل صداها… صورتها المحفوظة في قلب هذا العالم. لكنك ستجدين الحقيقة قريبًا. اقتربت نوران بخطوات حذرة، بينما وقف آيدن خلفها، يراقب المشهد بعينين مشدوهتين. لماذا جئتِ بي إلى هنا؟" سألت نوران بصوت مرتجف. أجابت المرأة: لأنكِ الوحيدة القادرة على إحياء ما انطفأ. هذه الجزر ليست مجرد أماكن، بل أرواح عالقة. إذا فقدتِ توازنك، سينهار كل شيء. وقبل أن تستوعب نوران الكلمات، اهتزّت الجزيرة بعنف. خرجت من بين الأشجار كائنات غريبة...

الفصل الخامس عشر : سر البوابة الخفية

  حين دخلت نوران ورفاقها البوابة السرية في قلب العاصفة النجمية، وجدوا أنفسهم في ممر لا نهائي من المرايا. كل مرآة تعكس حياتهم، لكنها كانت تظهر أيضًا مستقبلاً مختلفًا ومصيرًا مجهولًا. إيلارا توقفت فجأة أمام انعكاس لها وهي واقفة وحدها، بعيدة عن الجميع. هذا… ليس أنا!" قالت بصوت مرتجف. كيان وضع يده على كتفها: هذه مجرد محاولات لإرباكنا… لا تدعي المرايا تحكم قلبك. لكن نوران رأت انعكاسًا غريبًا… نسخة منها بعيون داكنة، تحمل سيفًا أسود يتوهج بالدماء. النسخة ابتسمت لها وقالت: أنتِ لست سوى نصف الحقيقة… والنصف الآخر سيبتلعك قريبًا. فجأة، تحطمت المرايا كلها في وقت واحد، لتكشف عن قاعة دائرية ضخمة، في وسطها يقف رجل بملامح مألوفة… كان هو المعلم القديم لِكيان، الذي اعتقدوا أنه مات منذ سنوات. المعلم ابتسم بخبث وقال: ظننتم أنني رحلت؟ لقد اخترت طريق الظلال… وأنا من قاد الرجل الفضي ليختبركم. صدمة ارتسمت على وجوههم، لكن لم يكن هناك وقت للتراجع، لأن الأرض اهتزت بشدة، وارتفعت من تحت القاعة كائنات حجرية عملاقة، محاطة بهالات من النار. نوران أمسكت سيفها، شعرت بطاقة مختلفة تتدفق في عروقها: طاقة الظل والنور مج...

الفصل الرابع عشر: عوالم النهاية والمعركة الكبرى

  نوران ورفاقها عبروا البوابة، ليجدوا أنفسهم في ساحة ضخمة تطفو فوق الفراغ، حيث تتقاطع الجسور المضيئة مع العواصف النجمية. هذه… هي المعركة الحقيقية!" صرخ كيان، وعيناه تلمعان بالحزم. ظهر خصوم جدد، أقوى وأكثر ذكاءً، وكل منهم يمثل تحديًا مختلفًا كائنات الظلال الكبرى، تتحرك بسرعة لا تصدق. مخلوقات الضوء الغاضبة، تشكلت من نجوم حية وتهاجم بلا رحمة. رجال غامضون من العوالم الموازية، يحملون قوة لم يروها من قبل. نوران استخدمت كل ما تعلمته في الفصول السابقة: موجات الضوء المدمجة مع الرموز الطيفية، التحكم بالقوة والعقل، وتوجيه القلب والشجاعة. كيان وإيلارا دعموها باستراتيجيات مذهلة، وتحالفوا لمواجهة الهجمات المتواصلة. فجأة، ظهر الرجل الفضي مرة أخرى، هذه المرة بجانب خصومهم، وقال بصوت عميق: لقد أثبتتم جدارتكم، لكن الآن، كل قرار سيفصل بين النجاة والفناء المعركة اندلعت في كل الاتجاهات الجسور المضيئة اهتزت تحت أقدامهم. العواصف النجمية ضربت المكان، مخلقة تحديات جديدة. كل خطوة كانت اختبارًا لشجاعتهم وذكائهم وتلاحمهم. نوران شعرت بأن قلبها مليء بالقوة، وأطلقت موجة ضوء وظل متداخلين، مما أوقف مؤقتًا خصومها، ...

الفصل الثالث عشر: بوابة المصير

  نوران ورفاقها عبروا البوابة، ليجدوا أنفسهم في ساحة ضخمة تطفو فوق الفراغ، حيث تتقاطع الجسور المضيئة مع العواصف النجمية. هذه… هي المعركة الحقيقية  صرخ كيان، وعيناه تلمعان بالحزم. ظهر خصوم جدد، أقوى وأكثر ذكاءً، وكل منهم يمثل تحديًا مختلفًا: كائنات الظلال الكبرى، تتحرك بسرعة لا تصدق. مخلوقات الضوء الغاضبة، تشكلت من نجوم حية وتهاجم بلا رحمة. رجال غامضون من العوالم الموازية، يحملون قوة لم يروها من قبل. نوران استخدمت كل ما تعلمته في الفصول السابقة: موجات الضوء المدمجة مع الرموز الطيفية، التحكم بالقوة والعقل، وتوجيه القلب والشجاعة. كيان وإيلارا دعموها باستراتيجيات مذهلة، وتحالفوا لمواجهة الهجمات المتواصلة. فجأة، ظهر الرجل الفضي مرة أخرى، هذه المرة بجانب خصومهم، وقال بصوت عميق: لقد أثبتتم جدارتكم، لكن الآن، كل قرار سيفصل بين النجاة والفناء  المعركة اندلعت في كل الاتجاهات: الجسور المضيئة اهتزت تحت أقدامهم. العواصف النجمية ضربت المكان، مخلقة تحديات جديدة. كل خطوة كانت اختبارًا لشجاعتهم وذكائهم وتلاحمهم. نوران شعرت بأن قلبها مليء بالقوة، وأطلقت موجة ضوء وظل متداخلين، مما أوقف مؤقت...

الفصل الثاني عشر: 🌸بوابة المصير والحراس الثلاثة

  نوران وكيان وإيلارا عبروا بوابة العوالم المضيئة، ووجدوا أنفسهم في ساحة ضخمة تطفو فوق فضاء متلألئ، حيث تتقاطع النجوم والأضواء. في وسط الساحة، ثلاث بوابات ضخمة، كل واحدة منها تتوهج بلون مختلف البوابة الحمراء: تمثل القوة والسيطرة. البوابة الزرقاء: تمثل المعرفة والذكاء. البوابة الذهبية: تمثل القلب والشجاعة. قبل أن يتمكنوا من الاقتراب، ظهر الحراس الثلاثة: 1️⃣ الحارس الأول: ضخم، مغطى بدرع لهب متوهج، رمزه القوة المطلقة. 2️⃣ الحارس الثاني: نصفه إنسان ونصفه ضوء أزرق، يرمز إلى العقل والدهاء. 3️⃣ الحارس الثالث: شبح ذهبي، يلمع كالنجوم، يمثل الرحمة والشجاعة. لا يمكنكم العبور إلا بعد إثبات جدارتكم"، قال الحارس الأول بصوت عميق يهز المكان كله. بدأت المعركة الحارس الأول هاجم بقوة، نوران وكيان واجها ضرباته بمزيج من الضوء والقوة. الحارس الثاني أرسل ألغازًا سريعة وأوهامًا متغيرة لاختبار ذكاء الأبطال، لكن إيلارا استخدمت بواباتها الصغيرة لتحويل مسار الأوهام. الحارس الثالث اختبر شجاعتهم وقلوبهم، أرسل موجات من الطاقة تكشف عن مخاوفهم الداخلية، مما اضطرهم لمواجهة أنفسهم. نوران شعرت أن كل تجربة تزيدها قوة...

الفصل الحادي عشر: الممرات المضيئة والمعركة الكبرى

  نوران، كيان، وإيلارا تقدموا عبر الممرات المضيئة للعوالم الموازية، كل خطوة تزداد صعوبة، وكل مخلوق يظهر أكثر قوة وسرعة. استعدوا… هذه ليست مجرد اختبارات، بل معركة حقيقية الآن صرخ كيان، وهو يرفع سيفه المضيء. فجأة، اندفعت مخلوقات نصفها ظل ونصفها نور من كل اتجاه، وأطلق كل منهم أصواتًا مخيفة تشبه صدى آلاف الأرواح. نوران شعرت بطاقة داخلية تتدفق في جسدها، استخدمتها لتوجيه موجة ضوء ممزوجة بالرموز الطيفية التي تعلمت التحكم بها في الفصول السابقة. المخلوقات توقفت لثوانٍ ثم تراجعت، لكنها لم تختفِ بالكامل. في تلك اللحظة، ظهر خصم جديد غامض، مغطى بعباءة سوداء ويمسك كرة طاقة متوهجة. لقد وصلتم بعيدًا… لكن لا أحد يخرج من هنا كما دخل قال بصوت عميق يهز الأبعاد من حولهم. إيلارا نظرت إليه بجدية هذا هو الحارس الأخير للعوالم… كل خطوة خاطئة قد تكون الأخيرة المعركة اندلعت بشراسة كيان يقاتل بقوة وسرعة مذهلة، يصد هجمات المخلوقات. نوران تستخدم الضوء الممزوج بالقلب والقوة لتفادي الهجمات وصدها. إيلارا تفتح بوابات صغيرة لتحويل مسار الأعداء وفصلهم. فجأة، ظهر جسر ضوئي معلق يؤدي إلى قلب الممر، وكأنه الطريق الوحيد لع...

الفصل العاشر:🌸 رحلة العوالم الموازية

  نوران عبرت البوابة الكبرى، ووجدت نفسها في عالم متداخل من الألوان والحركة، حيث الأرضية تتلوى كالحرير، والسماء تتخللها جسور من الضوء تتحرك وكأنها حية. كيان بجانبها نظر حوله بدهشة لم أر شيئًا كهذا في حياتي… كل زاوية هنا تخفي سرًا. وفجأة، ظهر كائن غريب الشكل، نصفه إنسان ونصفه من بلور أزرق متلألئ، يتحرك بسرعة تفوق الخيال، وعيناه تلمعان كأنهما يحويان كل أسرار الكون. قال بصوت مليء بالغموض: اهلاً بكم في العوالم الموازية… القليل فقط يستطيعون عبورها ويعودون بنفسهم. نوران شعرت بتيار غريب يمر عبر جسدها، وكأن البوابة نفسها تمنحها قوة جديدة. أنا هنا لأعرف كل الحقيقة… وأواجه كل ما يهدد عالمي  قالت بنبرة حازمة. بينما كانوا يسيرون، ظهرت سلسلة من الممرات المعلقة فوق نهر من الضوء، وكل ممر يحوي مخلوقات لم ترها من قبل: مزيج من الظل والنور، بعضها ودود وبعضها عدواني، يتحرك بسرعة مخيفة. فجأة، هاجمتهم مخلوقات الظلال الكبرى، ضخمة وأشد من أي شيء واجهوه من قبل، لكن نوران استخدمت قوتها الجديدة المدمجة مع الرموز الطيفية، فأطلقت موجة ضوء مزجت بين القوة والحب والذكاء، وأوقعت المخلوقات في صدمة تراجعت على أث...

حين تكلمت العيون

صورة
الفصل الأول: البداية كان الليل ثقيلاً فوق المدينة، والشارع يضجّ بأضواءٍ لا تعرف النوم. دخلت "ريما" المكتبة القديمة التي تحبها منذ صغرها، رائحة الكتب العتيقة تعانقها، والهدوء يغمر المكان كأن الزمن توقّف عند عتباته. جلست في ركنها المعتاد، تفتح كتابًا بينما عيناها تبحثان عن شيء لا تعرفه. لم تكن تعلم أن تلك الليلة ستغيّر حياتها إلى الأبد. بين الأرفف ظهر رجل غريب، لا يحمل ملامح مألوفة، لكن في عينيه بريقٌ أربكها. كان يمشي واثق الخطى، كأنه يعرف كل الطرق حتى المجهولة منها. اقترب منها، واختار كتابًا من الرف المقابل، ثم التفت إليها بابتسامة لم تفهمها. قال بهدوء: – "غريبة هي العيون… تتكلم أكثر من الألسنة، وتفشي أسرارًا لا نجرؤ أن ننطق بها." ارتجفت. لم تفهم كيف سمح لنفسه أن يخاطبها هكذا، لكنها في أعماقها شعرت أنّه لم يكن يقتحمها، بل كان يقرأها. كان صوته دافئًا، يخترق جدارًا من الصمت تراكم حولها سنوات. ترددت قليلًا قبل أن تقول: – "ومن قال لك إنني أريد أن تُقرأ أسراري؟" ضحك بخفة وقال: – "ليس كل الأسرار نكتبها، بعضها نتركه للعيون لتتكفل بترجمته." ومنذ تلك اللحظ...

الفصل التاسع: 🌸صوت ما وراء البوابة

  بعد أن عبرت نوران قرارها الحاسم في البوابة، غمرها ضوء أزرق متوهج، كأنها تغرق في محيط بلا قاع. لكنها لم تشعر بالخوف، بل بشيء أشبه بالسلام الممزوج بالقوة. لكن سرعان ما تبدل المشهد. وجدت نفسها في مدينة غريبة معلقة بين السماء والنجوم. الأبنية من زجاج يلمع، الجسور من نور، وكل الطرق تؤدي إلى برج هائل في المنتصف، ينبعث منه صوت أشبه بترانيم كونية. كيان بجانبها نظر حوله باندهاش هذه ليست مجرد مدينة… إنها عاصمة الأبعاد، حيث يلتقي النور والظلال. فجأة، سمعوا وقع خطوات قادم من بعيد. ظهر رجل طويل القامة، ملامحه حادة، عيناه أشبه بمرآتين تعكسان كل من ينظر إليهما. كان يحمل عصًا من الكريستال الأزرق. قال بصوت عميق أخيرًا وصلتِ يا نوران… البوابة لم تخطئ في اختيارك. تقدمت نوران بخطوة مترددة – من أنت؟ ابتسم وقال  أنا سيرافيل، حارس التوازن. مهمتي أن أختبر القادم من خلال البوابة. كثيرون فشلوا، وقليلون عبروا… لكنك مختلفة. في تلك اللحظة، ظهرت ليرا، لكنها لم تكن ساخرة هذه المرة. وجهها كان جادًا، عيناها تلمعان بقلق:ي إياك أن تصدقيه يا نوران! سيرافيل ليس كما يبدو… إنه من صنع الظلال. كيان صرخ: أنت تكذبين ...

الفصل الثامن:🌸 قرار البوابة

نوران وقفت أمام البوابة التي اختارتها في الفصل السابق، شعاعها يلمع كأنه يحوي كل أسرار الكون. الهواء حولها اهتز وكأن الأبعاد نفسها تتنفس، وكيان بجانبها يمسك يدها بثبات. كل شيء يعتمد على هذه الخطوة، نوران… لا تترددي  همس كيان. لكن قبل أن تخطو، ظهرت ليرا مرة أخرى، ضحكتها المليئة بالغموض تخترق الصمت: لقد ظننتِ أن القرار سيكون سهلاً… ولكنه دائمًا كان اختبارًا لقلبك وروحك. من خلف البوابة، بدأ يظهر نهر من الأضواء المتلألئة، وأصوات غامضة تتداخل مع بعضها، كأنها همسات آلاف الأرواح التي سبق أن عبرت البوابات. وفجأة، ارتفع الظلام من حولهم، وظهرت ثلاثة ظلال كبيرة، كل ظل يمثل جانبًا من شخصية نوران 1️⃣ ظل القوة  قوي، صارم، يرمز إلى كل طموحاتها وقدرتها على التحكم. 2️⃣ ظل الغموض سريع، غامض، يمثل كل الأسرار التي لم تُكتشف بعد. 3️⃣ ظل القلب لطيف، مضيء، يرمز للتضحية والحب والأمل. زاهر ظهر بجانبهم وقال بصوت حاد: نوران… كل اختيار له ثمن. اختاري بحكمة، فالبوابة لا تمنح فرصًا ثانية. نوران شعرت بدقات قلبها تتسارع، لكنها تذكرت كل ما مرّت به: الممرات، المخلوقات، الآلام، الصداقات، والخيانات. لقد وصلت إلى ...

الفصل السابع: 🌸بوابة الاختيار الأخير🌸

  الظلام بدأ يتلاشى ببطء، تاركًا مكانه لمزيج من ألوان الطيف التي ترقص في الهواء وكأنها تنطق بلغة الكون. قلب نوران ينبض بسرعة، وكل خطوة كانت تُشعرها بأنها على أعتاب لحظة مصيرية. زاهر وقف بجانبها، عيناه تحملان حزمًا وغموضًا: – "المرحلة الأخيرة قد بدأت… كل من يعبر هذه البوابة سيواجه نفسه، ويختار مصيره." كيان أمسك بيدها بحزم: – "لن تخوضيها وحدك… أنا معك." لكن ليرا، كانت كأنها جزء من الظلال نفسها، ابتسمت ابتسامة غامضة: – "الاختيار ليس لكم وحدكم… البوابة تعرف نوايا كل قلب، وتكشف الأسرار التي نخفيها عن أنفسنا." في تلك اللحظة، ظهرت بوابة ضخمة تتأرجح بين الظلام والنور، ينبعث منها هالة ساحرة لا يمكن وصفها، وعلى حوافها أشباح غامضة من الماضي والحاضر، بعضهم وجوه مألوفة، وبعضهم مخلوقات لم ترها نوران من قبل. زاهر همس هذه هي بوابة الاختيار الأخير… من يدخلها يجب أن يواجه كل شيء: مخاوفه، رغباته، وكل ما حاولت الروح إخفاءه. نوران شعرت بشيء يتململ في قلبها، كل حياتها السابقة تتدفق أمام عينيها: النجوم، الممرات، المخلوقات، وحتى صدى ليرا وكيان. هل أنا قوية بما يكفي؟همست لنفسها. ك...

الفصل السادس:🌸 المصير بين يديك يا نوران🌸

  ارتجف الهواء حين خطت نوران نحو البوابة الطيفية، الألوان تتراقص كألسنة لهب سماوي، تقترب منها كأنها تدعوها، وتبتلع من خلفها كل أثر للظلال التي طاردتها. لكن عينيها ثبتتا على ذلك الغريب الذي ظهر أمامها… رجل مهيب الملامح، طويل القامة، عيناه تحملان عمق عوالم لا نهاية لها. من أنت؟ سألت نوران بصوت يختلط فيه الخوف بالدهشة. ابتسم الغريب ابتسامة هادئة أنا زاهر، الحارس الأول للبوابة الكبرى… كنت في انتظارك منذ أن بدأت النجوم تناديك. تجمدت أنفاس نوران، بينما كيان وآرغوس يتبادلان النظرات، فوجود زاهر قلب الموازين. بدا وكأنه يعرف الكثير عن نوران، أكثر مما تعرفه هي عن نفسها. زاهر تقدم خطوة، صوته كجرس يتردد في كل الممرات البوابة لا تفتح لمن يسعى وراء القوة وحدها… إنها تختار من يملك قلبًا نقيًا وعزيمة لا تنكسر. لكن توقف لحظة، وعيناه حدقتا مباشرة في نوران،  خلف هذه الأبعاد، هناك من ينتظر سقوطك. ارتجف قلبها، وهي تتذكر ملامح ليرا التي اختفت في الظلال. هل كانت صديقة أم خصمًا فجأة، اهتز المكان بقوة، وخرجت من أعماق العتمة مخلوقات أضخم وأشد رعبًا، أجسادها كأنها منحوتة من شظايا الزجاج الأسود، وأصواتها ...

الفصل الخامس: 🌸بوابة الفناء🌸

             🌹 الجزء الاول🌹 الظلام كان يلتهم المكان شيئًا فشيئا، والبوابة السوداء أمام نوران تومض بحركة لا تفهمها. شعرت بدفء خفيف في قلبها، كأن الضوء الداخلي الذي نما داخلها منذ بداية الرحلة يدعوها للشجاعة كيان أمسك بيدها بقوة و نوران… تذكري، كل خطوة هنا تحمل ثمنها. لا تذهبي وحدك. نظرت إليه بعينين تتقدم الإصرار، ثم أطلقت يدها بهدوء لا أريد أن أكون مجرد مراقبة… يجب أن أعرف الحقيقة بنفسي. قبل أن تدخل، ظهر آرغوس، عينه المضيئة تحمل ندمًا وحرصًا كل ما خلف هذه البوابة يختبر روحك… ليس جسدك. إذا أردتِ النجاة، استمعي لقلبك. وفي تلك اللحظة، خرجت ليرا من الظلال، وابتسامتها لم تفارق وجهها ها قد وصلتِ أخيرًا… الفصل الحقيقي يبدأ الآن. نوران أخذت نفسًا عميقًا، وتقدمت نحو البوابة. فور عبورها، شعرت بأن الأرض اختفت، وأنها تُحلق بين أبعاد غير مألوفة، مليئة بألوان لا يمكن للعين البشرية تفسيرها. أمامها، ظهر عالم جديد بالكامل أرض مغطاة بأبراج من ضوء وطرق تتلوى بين الغيوم، وكائنات غريبة تتنقل بين الأبراج بسرعة مدهشة. لكن فجأة، سمعوا صراخًا مألوفًا… كان صديقها القديم، كيان ...

الفصل الرابع: 🌸ظلال الممرات🌸

        🌹   الجزء الاول 🌹 الهدوء الذي أعقب خروج نوران وكيان من البوابة الزرقاء لم يدم طويلًا. الهواء في المكان الجديد كان مختلفًا… أثقل، وكأن الزمن نفسه يتباطأ عند عتبة هذا العالم. الجدران كانت عالية ومغطاة ببلورات خضراء تشع ضوءًا باهتًا، وفي قلب الممر ظهرت بوابة حجرية عظيمة مرسومة عليها وجوه بشرية متشابكة، بعضها يبتسم، وبعضها يصرخ. نوران وضعت يدها على الحجر، ارتجف المكان، انفرجت البوابة ببطء، لتكشف عن ساحة واسعة تتوزع فيها طرق متفرعة، وفي كل زاوية شعلة نار ترتجف كأنها على وشك أن تنطفئ. هناك، في وسط الساحة، ظهر رجل طويل القامة، يلبس درعًا داكنًا، وعيناه تحملان مزيجًا من الحزن والحدة. أخيرًا.  من يجرؤ على دخول عالم الظلال. كيان همس..... نوران، احذري… سمعت عن هؤلاء الحُرّاس، لا يعرفون الرحمة. الرجل اقترب بخطوات بطيئة وقال أنا آرغوس، حارس الممرات. كل من يدخل هنا يجب أن يثبت ولاءه… للنجوم أو للظلال. نوران نظرت في عينيه، ورأت صراعًا داخليًا. كان أشبه بسجين أكثر منه حارسًا. لكن قبل أن تطرح سؤالها، خرجت فتاة شابة بملامح حادة وابتسامة ساخرة من بين الظلال. شع...

الفصل الثالث: 🌸بوابة الاختبارات🌸

  نوران وقفت أمام البوابة، والشعور بالغموض امتزج بالخوف. لكن هذه المرة، لم يكن الأمر مجرد ضوء ونجوم تتلألأ، بل مكان ينبض بالحياة، مليء بالأصوات الغريبة والهمسات التي تتخلل الهواء. فجأة، خرجت من الظلال شخصية غامضة ترتدي عباءة داكنة ووجهها نصفه مغطى بقناع فضي، وعيناها تلمعان بذكاء غريب. أخيرًا وصلتِ يا نوران, قالت بصوت هادئ لكنه يحمل قوة غريبة. نوران شعرت بخفق قلبها يتسارع، لكنها جمعت شجاعتها من أنت؟ وما هذا المكان؟ ابتسمت الغامضة وقالت "أنا حارسة البوابة… هذه ليست مجرد بوابة للنجوم، بل اختبار لكل من يسعى لمعرفة الأسرار. كل خطوة هنا ستكشف جانبًا جديدًا من روحك، وستواجهين مخلوقات وقوى لم تتخيليها." وفي اللحظة نفسها، ارتجف المكان، وظهرت ثلاث بوابات صغيرة أمام نوران، كل واحدة منها تنبض بهالة مختلفة: البوابة الحمراء، تتوهج بنيران متراقصة وكأنها تختبر شجاعة القلب. البوابة الزرقاء، تتلألأ بتيارات مائية قوية تحمل لغزًا عميقًا عن العقل والذكاء. البوابة الخضراء، تحيط بها أوراق وعروق متحركة تختبر الصبر والقدرة على التواصل مع الحياة. إختاري بعناية… كل بوابة تحمل اختبارها الخاص، وعواقب اخت...

صباحات امل لا تنتهي

صورة
  يا صباحي، يا نسمةً تهزّ أوتار الروح، وافتح لي أبواب الخير في كل لحظة من يومي، أنثر ضحكتك على قلبي كما تنثر الشمس دفءً على الأرض الباردة، واجعل خطواتي مملوءة بالأمل، وعينيّ تلتقط كل شعاع يهمس بالسلام، يا صباحي، دعني أتنفس من نسيمك السحري، وأزرع في قلبي أزهار التفاؤل التي لا تذبل، واجعل روحي مرآةً للضياء الذي تحمله، فكل يوم يبدأ بك هو دعاء مكتمل، وأغنية للحياة لا  تنتهي."

الفصل الثاني :🌹صوت خلف الأبواب 🌹

  حين عبرت نوران البوابة، أحاط بها ضوء كثيف سرعان ما خفت، لتجد نفسها واقفة على أرض لم ترَ مثلها قط. كانت الرمال منيرة كحبيبات زجاج تلتقط وهج النجوم، والسماء تسبح فيها مجرات لا حصر لها، كأنها بحر ممتد بلا نهاية. ترددت خطواتها، لم تعرف إن كانت في حلم أم في يقظة، لكن قلبها كان يخبرها أن ما تعيشه حقيقة لم يجرؤ عقلها يومًا على تخيلها. فجأة، جاءها صوتٌ خافت من بعيد، صوت لم يكن بشريًا خالصًا ولا غريبًا تمامًا، كأنه مزيج بين همس الريح وجرسٍ قديم. مرحبا بكِ يا ابنة الأرض.كنا ننتظرك. تجمدت نوران في مكانها، التفّت حولها تبحث عن مصدر الصوت، لكن لم يكن هناك أحد. كل ما رأته كان بابًا حجريًا ضخمًا، منتصبًا وسط الصحراء المضيئة، لا يدعمه جدار ولا يحرسه أحد، باب يقف وحده في الفراغ. اقتربت منه بخطوات مرتجفة، وكلما تقدمت، كان النقش على الباب يزداد وضوحا نجوم مرسومة بدقة، تتوهج ثم تخبو كما لو كانت حيّة. مرة أخرى جاء الصوت، هذه المرة أقوى إختيارك سيغير مصيرك... إما أن تعودي الآن، أو تفتحي هذا الباب لتبدأ الحكاية. وضعت نوران يدها على النقش المتلألئ، وعرفت أن طريق العودة انتهى... وأن القدر بدأ للتو يكتب ف...

الفصل الأول: 🌸الوميض 🌸

  في تلك الليلة الهادئة، حين نامت القرية كلها، بقيت نوران ساهرة وحدها، تستمع إلى صمت يزداد ثِقلاً كلما أغلقت عينيها. لم تكن تعرف لماذا تشعر أن جدران غرفتها تضيق عليها، وأن شيئًا ما يختبئ بين ثنايا الظلام. فجأة، لمع وميض غريب عند زاوية الجدار، وميض لم يكن نور قمر ولا انعكاس مصباح. كان أشبه بنداء صامت، يطلب منها أن تقترب. ارتجف قلبها، لكنها لم تستطع مقاومة الفضول، كأن روحها كانت تنتظر هذه اللحظة منذ زمن بعيد. مدت يدها بحذر، وما إن لمست الجدار حتى ارتجف كالماء، وانشقَّ عن دوائر ضوئية متداخلة، تتسع وتضيء أكثر فأكثر. شعرت نوران أن الأرض تهتز تحت قدميها، وأن الهواء يثقل بأنفاس لم تعرفها من قبل. لم تفكر كثيرًا، لم يكن هناك وقت للتردد. كانت تعرف أن هذه ليست صدفة، وأن القدر فتح أمامها بابًا لم يُفتح لغيرها. ومع كل ذرة خوف، كان هناك شوق غامض يدفعها خطوة بعد خطوة نحو الدائرة المتوهجة. قبل أن تعبر، التفتت حولها، فرأت حجرتها كما هي: السرير الخشبي، الكتب المبعثرة، المصباح المطفأ... لكنها شعرت أن كل ذلك أصبح بعيدًا جدًا عنها. أخذت نفسًا عميقًا، ثم أغمضت عينيها وعبرت. في لحظة خاطفة، انطفأ كل شيء، ...

🌸نبذة عن الرواية🌸

صورة
  بين حدود الواقع وأسرار الغيب، تكتشف "نوران" بوابة تقودها إلى عوالم لا تشبه الأرض، عوالم يختبر فيها القلب شجاعته والعقل قدرته على النجاة. إنها حكاية عن نور يضيء في أشد العتمات، وعن نجوم تُخفي خلف بريقها أسرارًا تغيّر المصائر. رحلة تبدأ بخطوة واحدة… لكنها قد تعيد رسم الكون كله.

🌹 المقدمة 🌹

    في لحظة هادئة من العمر، حين يظن الإنسان أن كل شيء يسير كما اعتاد… تنفتح فجأة أبواب لم يكن يراها. نوران لم تكن تبحث عن مصير مختلف، لكنها كانت تحمل في قلبها سرًا قديمًا، سرًّا لم يكن يعرفه أحد… حتى هي نفسها. وعندما أضاءت تلك البوابة في قلب الليل، لم تدرك أن عبورها لن يمنحها طريقًا آخر فحسب، بل سيغيّر معنى وجودها كله. 

أجنحة الصباح

صورة
     بين أجنحة الصباح، تتسلل أشعة الضوء لتداعب الروح بلطف، فتنهض الذكريات من سباتها وتهمس بأسرارها للحاضر. كل لحظة هادئة تحمل في طياتها فرصة لإعادة اكتشاف النفس، لفهم أن القلب ليس مجرد عضو ينبض، بل بوصلة توجهنا عبر متاهات الحياة. هناك حيث تصمت الكلمات، يتحدث الصمت بلغة أعمق، لغة لا يعرف معناها إلا من سبق أن أحب بصدق وعاش الألم ليعرف قيمة الفرح. الرحلة بين الظلال والنور، بين الماضي والمستقبل، ليست سهلة، لكنها تمنح من صبر عليها شعورًا بالسلام لا يهزه شيء، وتجعل من كل خفقة قلب فرصة جديدة للابتكار، للحب، للأمل الذي لا ينتهي. Between the wings of the morning, rays of light sneak in to gently caress the soul, awakening memories from their slumber and whispering their secrets to the present. Every quiet moment carries within it a chance to rediscover oneself, to understand that the heart is not just a beating organ, but a compass guiding us through the labyrinth of life. Where words fall silent, silence speaks in a deeper language, one understood only by those who have loved tru...

هي وعد من السماء

صورة
 هي نفحة سماوية تنحدر من علياء الغيب لتستقر في قلب الأرض، لا تُكتسب ولا تُشترى، بل تُمنح حين يشاء القدر وتُودع في الأرواح الطاهرة. هي رمز العطاء النقي، نقاء ينساب في العروق كالماء الأول، وضياء يتخلل العتمة ليمنحها معنى. هي حضور يُشبه المطر حين يُغسل به القلب قبل الأرض، ونسيم يترك في الداخل طمأنينة لا يعرفها إلا من لامس جوهرها. هي معنى الحياة حين تكتسي بالكرم، وصوت الروح حين تعلن أن أجمل ما في الوجود هو أن يُعطى بلا انتظار. هي الروح التي تُولد وفي داخلها بذرة من نور، كلما نمت أورقت بالخير، وكلما ارتوت من الحب أثمرت بالسكينة. لا تعرف حسابات المنفعة، ولا تقف على أبواب المصلحة، بل تمضي كالنهر يمنح مياهه لكل من يقترب، غير عابئ بما سيعود إليه. هي الوجه الآخر للرحمة حين تتجلى في هيئة إنسان، والظل الذي يحتمي به المتعبون حين يثقلهم قيظ الأيام. هي البسمة التي تُزرع في قلوب الآخرين دون أن تُطلب، وهي اليد التي تمتد تلقائياً لتمسح دمعاً لم يُعلن، وهي القلب الذي يعرف كيف يحتضن بلا شرط. هي طاقة من الدفء تسكن تفاصيلها، فإذا حضرت تبدد الخوف، وإذا غابت شعر المكان بفقدٍ لا يُعوّض. ليست مجرد وجود عابر...

حين خلقت لأكون أنا

صورة
 أنا لم أُخلق كي أكون ظلاً باهتاً في حياة الآخرين، ولا كي أبحث عن اعترافٍ من عيون لا ترى ما وراء السطح، خُلقت كي أكون ذاتي، بفرحي وحزني، بعلوّي وانكساري، بامتلائي وفراغي. خُلقت كي أكون مثل نهرٍ يقطع الصخور بصبره، لا بصخبه، ومثل شجرةٍ تعرف أن جذورها سرّها الأعظم، وأن السماء موطنها الأسمى. حاولتُ كثيراً أن أُذيب نفسي في قوالب الناس، أن أُخفي حدّتي، أن أُلوّن صوتي بألوانهم، لكنني اكتشفت أنني كلّما فعلت ذلك، انطفأ شيء في داخلي، وانكسرت مرآةٌ لا يجيد أحد ترميمها سواي. أدركت أنني لا أشبههم، وأن الاختلاف ليس نقمة بل منحة، وأن العزلة ليست ضعفاً بل وطنٌ آمن تحتمي فيه الأرواح الحرة من صخب الزيف. أنا لستُ ضد الناس، لكنني لستُ معهم أيضاً. أنا في مكانٍ آخر، أبني عالمي على مهل، أزرع أحلامي بيدٍ واثقة، وأجمع أنفاسي كما يجمع المسافر ماءه قبل رحلة طويلة. قد لا أجد الكثيرين من حولي، لكنني أعلم أن الكثرة لا تمنح الروح قيمة، وأن القليل الذي يُشبهني يكفيني. أمشي بخطى مختلفة، وأحمل قلبي كأنّه كتابٌ لم يُقرأ بعد، وأرفع رأسي إلى السماء كلما أثقلني ثقل الأرض. أنا لستُ هنا كي أُرضي الجميع، أنا هنا لأكون ما ...

حين نصبح أوطانًا لأنفسنا

     لسنا بحاجة لأن نصبح كاملين لنستحق الحب، بل نحن بحاجة لأن نحب أنفسنا بصدق ونحن على حالنا. أن ننظر إلى قلوبنا كحدائق، قد تحتاج أحيانًا إلى وقت طويل لتزهر، لكنها تظل تستحق العناية والانتظار. إن حب الذات ليس أنانية، بل هو وعدٌ بأن نصبح أصدقاءً أوفياء لأنفسنا، نمنحها المسامحة حين تخطئ، والاحتضان حين تتعب، والثقة حين تتردد. حين نحب أنفسنا، نصبح قادرين على أن نحب العالم دون خوف، ونمنح الحياة أجمل ما فينا دون أن نفقد أنفسنا في الطريق. في النهاية، نحن لسنا سوى أرواح تبحث عن مأوى دافئ داخل هذا الكون الكبير. تختلف ألواننا ولغاتنا وأحلامنا، لكن قلوبنا تعرف ذات الرجفة حين تحزن، وذات النبض حين تفرح. نحن متشابهون أكثر مما نظن، والإنسانية هي اللغة التي لا تحتاج إلى ترجمة. كم سيكون العالم أجمل لو أدرك كلٌّ منا أن الآخر ليس غريبًا، بل مرآة صغيرة لذاته، تعكس ضعفًا وأملًا ورغبة بالسلام.  بقلم .......لمسة روح   © جميع الحقوق محفوظة2025

يارب

صورة
     يا ربّ، إن دروبي ضاقت، وأبواب مسعاي أوصدتها الأقدار قبل أن أطرقها، وأنا ما جئتُ إلا حاملاً في يدي بذرة أمل، أرجو أن تزرعها رحمتك في تربة قدري. علّمني كيف أمشي في طرقاتك بثقة الصابر، وأمدّ كفيّ نحو رزقك بثوب الرضا، فأنت وحدك تعلم ما تخبئه الأيام لي، وأنت وحدك القادر على أن تفتح لي ما ظننته مغلقًا، حتى أرى النور يتسلل من حيث لم أحتسب، وأجد الطمأنينة تسكن قلبي قبل أن يسكن الرزق يدي.     بقلم .......لمسة روح   © جميع الحقوق محفوظة2025

يابحر

صورة
     يا بحر السكون… علّمتني أن العاصفة ليست دائمًا في السماء، وأن أعمق الموجات تلك التي لا تُرى، بل تسكن الأعماق وتنتظر لحظة الانفجار. يا مرآة السماء الصامتة، كم من الحكايا خبأتها تحت زُرقتك، وكم من الأرواح غسلتُ وجعها على شواطئك، ثم مضت وهي لا تعلم أنّك احتفظت بظلّها إلى الأبد. أراك تُعانق الأفق كما لو كنت تخشى الفقد، وتبتلع أسرار العابرين كأنك أمٌّ تحفظ وصايا أولادها في صدرها. علّمني، يا بحر السكون، كيف أهدأ مثل هديرك المكتوم، وكيف أُخفي جراحي كما تُخفي أنت حطام السفن وتظلّ تلمع تحت شمس النهار كأنك لم تعرف الغرق يومًا.     بقلم .......لمسة روح   © جميع الحقوق محفوظة2025
صورة
      ،🌸🌸🌸🌸🌸🌹🌹🌸🌸🌸🌸🌸 كان الليل قد أسدل ستاره الأخير على المدينة، لكن القلوب لم تعرف بعد سكونها. تداخلت مصائرهم كما تتشابك خيوط الحرير في يد ناسجٍ ماهر، تحمل في كل عقدة حكاية وفي كل التواء سرًا. بعض الوعود أُوفي بها، وأخرى علّقتها الأقدار في فضاء الغيب، تنتظر من يجرؤ على إتمامها. لم يكن ما مرّوا به مجرد حب أو فراق أو انتصار… بل كان عبورًا في ممرات النفس، حيث يكتشف الإنسان وجهه الحقيقي، بعيدًا عن كل الأقنعة. رحل من رحل، وبقي من بقي، لكن الحكاية لم تُغلق أبوابها. فكل نهاية ليست سوى بداية متنكرة، وكل ما ظنوه فصلًا أخيرًا قد يكون الصفحة الأولى من كتاب جديد… كتاب ربما يحمل عنوانًا لم يُكتب بعد، لكنه ينتظر اللحظة التي يختار فيها القدر أن يُسدل الستار… أو يرفعهم من جديد.       بقلم .......لمسة روح   © جميع الحقوق محفوظة2025

حين همس الليل بإسمه

صورة
  الفصل الثاني عشر:              🌹ما بعد العاصفة🌹 هناك نهايات تصنع بدايات جديدة، لكنها تأتي بثمن جلسوا جميعًا في القاعة الكبيرة للقصر، النار تشتعل في الموقد، وأصوات المطر في الخارج تشكّل إيقاعًا بطيئًا للهدوء الذي يسبق العاصفة الأخيرة. بدأ "آدم" يروي القصة كاملة، عن المؤامرة التي حيكت منذ سنوات، عن الخيانة التي جاءت من أقرب الناس، وعن الصفقة التي أنقذته لكنها جعلته يعيش في الظل كل هذا الوقت. كانت "ليان" تستمع، قلبها يتأرجح بين الغضب والحنين، بينما "فارس" كان يراقب كل كلمة بعين المحقق. لكن اللحظة التي غيّرت كل شيء كانت عندما كشف "آدم" أن العدو الحقيقي لم يكن خارج القصر… بل بينهم، في هذه الغرفة نفسها. رفع إصبعه وأشار إلى شخص لم تتوقعه "ليان" أبدًا… شخص كان طيلة الوقت يتظاهر بالولاء، ويخفي خنجره خلف ابتسامة زائفة. في تلك اللحظة، فهمت أن هذه القصة لم تنتهِ بعد، وأن النهاية التي عاشوها الليلة… ما هي إلا بداية جديدة، أكثر قسوة وأكثر صدقًا.        🌹انتهى الجزء الأول… والبداية تنتظر.

حين همس الليل بإسمه

صورة
      الفصل الحادي عشر:                    🌸الوجه الآخر🌸 كل الأبواب المغلقة تُخفي أسرارًا، لكن بعضها لا يجب فتحه… وصل "فارس" و"ليان" إلى الغرفة في الطابق العلوي، كانت النافذة مفتوحة على مصراعيها، والستائر ترفرف بجنون تحت المطر. على الأرض، كان هناك دفتر جلدي، وبجانبه قلادة ذهبية على شكل مفتاح صغير. انحنت "ليان" تلتقط القلادة، لكن فجأة ظهر ظلّ طويل في انعكاس المرآة. استدارت بسرعة، فرأت "آدم" واقفًا، مبللًا بالمطر، وابتسامة غامضة على وجهه. — "لم أتوقع أن نلتقي هكذا." — "أنت… حي؟!" اقترب منها ببطء: "كنت أراقبك طوال الوقت… لأنك لم تكوني مستعدة للحقيقة بعد." هتف "فارس" بحدة: "أي حقيقة؟!" لكن "آدم" تجاهله تمامًا، وأخرج من معطفه ورقة صغيرة ودفعها نحو "ليان": "عندما تقرئين هذه، لن تعودي كما كنتِ." فتحت الورقة بيد مرتجفة، وعيناها تنتقلان بين السطور. كل كلمة كانت كسكين، تقطع أوهامها القديمة واحدًا تلو الآخر. وعندما وصلت إلى السطر الأخير… شعرت أن الأرض تدور بها، وأنها لم تعد تع...

حين همس الليل بإسمه

صورة
   الفصل العاشر:              🌹 رسائل من الماضي🌹 المطر كان يقرع النوافذ كأن السماء ترسل تحذيراتها… جلست "ليان" على الطاولة الطويلة في غرفة القصر، تحدّق في الرسالة التي أخذتها من الصندوق. الكلمات كانت متقطعة، وكأن كاتبها كان يكتب على عجل، لكن المعنى كان واضحًا… هناك خيانة دُبرت منذ سنوات، خيانة غيّرت مسار حياتها دون أن تعرف. "إذا وصلت هذه الرسالة إليك… فهذا يعني أنني لم أعد هناك لحمايتك." كانت الجملة الأولى وحدها كافية لتجعل قلبها يخفق بجنون. لكن قبل أن تكمل القراءة، انفتح الباب بقوة، ودخل "فارس" – الرجل الذي كان دائمًا بين الشك والثقة في حياتها – وعلى وجهه ملامح قلق لم تره من قبل. — "ماذا وجدتِ؟" حاولت إخفاء الرسالة، لكنه اقترب بسرعة وأمسك يدها. — "أنت لا تفهم، هذه الرسالة تخصني." ابتسم بسخرية: "بل تخصنا جميعًا، لأن ماضيك ليس ملكك وحدك، بل جزء من اللغز الذي نحاول حله." وبينما كانا يتجادلان، سُمِع صوت ارتطام زجاج في الطابق العلوي، تلاه صراخ قصير، ثم صمت… صمت ثقيل جعل كل شيء يتوقف. تبادلا النظرات، وركضا معًا نحو مصدر الصوت، دو...

حين همس الليل بإسمه

صورة
     الفصل التاسع:              🌸ظلال الحقيقة🌸 الليل كان ثقيلاً، كأن السماء حبست أنفاسها انتظارًا لشيء لم يأتِ بعد… كانت "ليان" تسير في الممر الحجري المؤدي إلى المكتبة القديمة في قصر عائلة "المير". الرياح الباردة تتسلل من النوافذ العالية، تحمل معها رائحة غامضة، خليط بين الورق العتيق والخشب المبتل. لم تكن تبحث عن كتاب، بل عن الحقيقة. في زاوية مظلمة، رأت صندوقًا صغيرًا مغلقًا بقفل نحاسي، عليه نقش باهت. مدّت يدها، لكن قبل أن تلمسه، سمعت صوت خطوات خلفها… خطوات بطيئة وثابتة. التفتت، فوجدت رجلاً لم تره من قبل، عيناه مثل جمرتين في الظلام. — "تبحثين عن شيء… أليس كذلك؟" صوته كان حادًا، كأنه يقرأ أعماقها. — "هذا ليس شأنك." ردّت ببرود، لكنها شعرت برجفة خفية. ابتسم الرجل ابتسامة غامضة: "بل هو شأني أكثر مما تظنين، فالصندوق الذي أمامك… يحوي ما يغيّر كل شيء." قبل أن تسأله عن معنى كلامه، انطفأت الأضواء فجأة، وغرق المكان في ظلام دامس. لحظة، ثم أخرى، وحين عادت الإضاءة… اختفى الرجل، لكن الصندوق بقي مفتوحًا. في داخله، وجدت رسالة قديمة مكتوبة بخط يدٍ متعر...

حين همس الليل بإسمه

صورة
    الفصل الثامن –              🌹 باب خلف العاصفة🌹 في صباح اليوم التالي، لم تستطع ليان مقاومة فضولها. قررت أن تعرف سر المفتاح. تذكرت أن الحرفين "س . م" قد يشيران إلى ساحة الميناء، حيث يوجد مخزن قديم مهجور منذ عقود. ذهبت إلى هناك، لكن وجدت الباب مغطى بالغبار وسلاسل صدئة. عندما أدخلت المفتاح، انفتح القفل وكأن أحدهم كان ينتظر هذه اللحظة منذ زمن بعيد. داخل المخزن، لم يكن الظلام وحده ما يحيط بها، بل رائحة أوراق قديمة ورطوبة عالقة. رفعت مصباح يدوي، فاكتشفت عشرات الصناديق الخشبية، بعضها مكسور. وعندما فتحت أحدها، وجدت ملفات وصوراً لسفن غرقت في البحر، وقوائم بأسماء مفقودين… بينهم اسم والدها، الذي كانت تظنه قد مات في حادث عادي. وبين الأوراق، وجدت خريطة بحرية تحمل توقيع شخص يدعى سالم مراد. لم تكن تعرفه، لكن عم يوسف الذي لحق بها إلى المخزن تجمد حين رأى الاسم. "سالم… كان قائد سفينة بحث سرية، ويُقال إنه اكتشف شيئاً جعل البحر نفسه يغضب." قبل أن يكملا الحديث، دخل شاب في الثلاثين من عمره، بملامح قاسية وعينين حادتين. كان يرتدي معطفاً قصيراً ويحمل حقيبة جلدية...

حين همس الليل بإسمه

صورة
   الفصل السابع               🌸رسائل البحر🌸 مع بزوغ الفجر، هدأت الأمواج قليلاً بعد ليلةٍ من الرياح القاسية. كانت رائحة الملح أقوى من المعتاد، وكأن البحر نفسه يريد أن يلفت الانتباه. ليان استيقظت على صوت طرقٍ خفيف على نافذتها. لم يكن أحد في الخارج، لكن على حافة النافذة وجدت شيئاً غريباً: زجاجة صغيرة، داخلها ورقة مطوية بإتقان. فتحتها بيدين مرتجفتين، وقرأت: احذري… البحر لا ينسى، والظل لا يرحم. تجمد الدم في عروقها، لكن فضولها تغلب على خوفها. قررت أن تذهب إلى الميناء للبحث عن أي تفسير. هناك وجدت عم يوسف جالساً على حافة القارب الخشبي، يرمم شباكه. عندما عرضت عليه الرسالة، تغيرت ملامحه فجأة. هذه الكتابة… أعرفها. لقد كانت تُرسل قبل سنوات، حين اختفى ثلاثة من رجال البلدة في ظروف غامضة. بينما كانا يتحدثان، ظهر آدم قادماً من السوق، وبيده صحيفة قديمة وجدها في أرشيف المكتبة. فتحها أمامهما، وظهرت صورة باهتة للرجل صاحب المعطف الأسود، تعود لأكثر من عشرين عاماً. كان أصغر سناً، لكنه بنفس النظرة التي تثير الريبة. العنوان يقول: رجل غريب يحذر من خطر قادم من ا...

حين همس الليل بإسمه

صورة
     الفصل السادس –         🌹  ظل المعطف الأسود🌹 في صباح اليوم التالي، كانت المدينة تستيقظ ببطء. ضوء الشمس يتسلل من بين النوافذ الخشبية القديمة، وصوت الباعة في السوق الصغير يختلط بجرس الكنيسة البعيد. كانت ليان تمشي في الزقاق الضيق المؤدي إلى المخبز، تحمل في يدها سلة صغيرة، وعيناها تلتقطان تفاصيل الجدران المتهالكة وكأنها تحفظ المدينة في ذاكرتها قبل أن يغيّرها الزمن. لكنها، فجأة، شعرت بذلك الإحساس الغامض مجدداً… إحساس أن هناك من يتبعها. التفتت ببطء، وهناك، على بعد خطوات، كان الرجل صاحب المعطف الأسود. نفس الوقفة الثابتة، نفس النظرة التي تجمع بين الحدة والبرود. لم يتحرك خطوة نحوها، لكنه اكتفى بأن يميل رأسه قليلاً، كما لو كان يحيّيها بصمت. ارتجفت أصابعها وهي تتمسك بمقبض السلة، لكنها واصلت السير، تظاهرت بأنها لم تلاحظ. عند المخبز، كان آدم ينتظرها، وعندما رآها شاحبة اللون، بادر: "ماذا هناك؟" هزّت رأسها: "لا شيء… ربما مجرّد شعور." لكن قبل أن تغادر المخبز، همس البائع العجوز لها وهو يضع الخبز في السلة: "ذلك الرجل… لا تثقي به. لقد عاد." لم تفهم، لكنها...

حين همس الليل بإسمه

صورة
   الفصل الخامس          🌸رياح على الميناء 🌸  كانت السماء ملبدة بغيوم ثقيلة، تتدلى وكأنها تحمل سراً ثقيلاً على وشك الانفجار. الميناء القديم كان يعج بالحركة؛ صيادون يجرّون شباكهم المبتلة، وأصوات الباعة ترتفع فوق صرير الأمواج، بينما رائحة الملح تختلط برائحة القهوة التي يبيعها "عم يوسف" في زاويته المعتادة منذ أربعين عاماً. على الرصيف الخشبي، كانت ليان تتأمل البحر، تراقب كيف يتغير لونه من الأزرق الفاتح إلى الرمادي الداكن كلما اقتربت الغيوم. خطوات آدم تقترب من خلفها ببطء، لكنها لا تلتفت؛ كانت غارقة في فكرة غامضة، تتأمل في الموج وكأنه يحمل الإجابة. "أتعلمين؟" قال آدم بصوت منخفض وهو يقف بجانبها، "البحر لا يحتفظ بسرّ… لكنه يعرف كيف يجعلنا نغرق ونحن نبحث عنه." ابتسمت دون أن ترفع عينيها، ثم سألت فجأة: "وهل البحر يختار من يغرقه؟" قبل أن يجيب، مرّ أمامهما طفل صغير يركض خلف طائرة ورقية حمراء، كاد أن يسقط في الماء لولا أن أمسك به صياد مسنّ. التفتت ليان إلى الطفل بابتسامة، ثم إلى الصياد وقالت: "شكراً، يا عم." ردّ بابتسامة نصفها مودة ونصفها غموض: ...

حين همس الليل بإسمه

صورة
    الفصل الرابع    🌹لقاء يشبه الحلم🌹 لم يكن الليل في تلك المدينة يشبه ليل أي مكان آخر كان يهبط بهدوء لكنه يحمل في طياته أصواتًا بعيدة وصدى خطوات مجهولة كنت أسير معه دون أن نسأل أين نمضي كأننا نسلم أنفسنا لطرق تعرفنا أكثر مما نعرفها فجأة توقف وأمسك بيدي كانت المرة الأولى التي يلمسني فيها شعرت بحرارة أصابعه تتسلل إلى قلبي قبل أن تصل ليدي نظر إلي نظرة لم أر مثلها من قبل وقال بصوت خافت هناك أشياء يجب أن تراها الليلة قادني إلى شارع ضيق تضيئه مصابيح قديمة متعبة حتى وصلنا إلى باب خشبي عتيق طرقه ثلاث مرات بانتظام ثم فتح لنا رجل مسن لم ينطق بكلمة دخلنا فوجدت نفسي في غرفة صغيرة مليئة بصور قديمة وأوراق صفراء وخرائط لمدن لا أعرفها جلس الرجل العجوز على كرسيه وبدأ يقلب أوراقًا بينما هو ظل واقفًا يراقبني كانت الصور تحمل وجوهًا بعضها بدا مألوفًا بشكل مخيف وجوه أشخاص شعرت أنني رأيتهم في أحلامي اقترب مني وهمس هذا المكان يعرف أسرارك قبل أن تعرفيها لا تسألي كيف ولا لماذا فقط تذكري أن كل شيء بدأ هنا وأن ما سترينه الليلة لن تستطيع الأيام محوه     بقلم .......لمسة روح...

حين همس الليل بإسمه

صورة
    الفصل الثالث      🌸همس يوقظ العتمة🌸 لم نكن نتحدث كثيرًا لكن الصمت بيننا كان أوسع من أي حديث كان يحمل ما لا تستطيع الكلمات حمله وكأن خطواتنا على الأرصفة المبتلة تكتب قصة لا يعرفها غيرنا توقف فجأة أمام مكتبة صغيرة على زاوية الشارع فتح الباب وأشار لي بالدخول وكأنه يعرف أنني سأجد فيها شيئًا يخصني دخلت لأجد المكان مغمورًا برائحة الورق القديم والأحبار التي عاشت أعمارًا في قلوب القراء تجولت بين الرفوف وأنا أتابع خطواته بعيني كان يمرر أصابعه على عناوين الكتب كما لو كان يحيي أصدقاء قدامى حتى توقف عند كتاب لا يحمل عنوانًا واضحًا أخرجه ووضعه بين يدي وقال هذا الكتاب يعرفك حتى لو لم تفتحيه بعد لم أفهم ما يقصده لكنني شعرت بثقل غريب في كلماته جلسنا في ركن صغير من المكتبة وبدأ يقلب الصفحات كانت الصفحة الأولى فارغة إلا من جملة واحدة كتبت بخط أنيق يقول فيها إلى من ستكمل ما لم أستطع أنهيته ثم أغلق الكتاب ونظر إلي طويلا حتى شعرت أن عينيه تخترقان كل طبقات الصمت في داخلي خرجنا من المكتبة وكانت الأمطار قد اشتدت الشوارع أصبحت مرآة تعكس الأضواء والظلال وبين تلك الانعكاسات كنت أرى ...

حين همس الليل باسمه

صورة
     الفصل الثاني                 🌹 نبض لا يعرف السكون 🌹 لم أكن أنوي أن أبحث عنه لكن المدينة بدأت تضعه أمامي في أماكن لم أكن أظن أنني سأراه فيها وجهه كان يطل علي من بين الوجوه العابرة في المقهى في السوق في ظل شخص يسير أمامي كنت أظنه محض خيال يتسلل من الذاكرة لكن وقع الخطوات كان حقيقيًا أكثر من اللازم وفي كل مرة يقترب فيها كنت أشعر أن الزمن يبطئ كي يمنحني مساحة أكبر لقراءة ملامحه ذلك الصباح كان مختلفًا إذ رأيته جالسًا في زاوية مقهى صغير على أطراف الشارع عينيه تتأمل فنجان قهوته كما لو كان يقرأ أسرارًا فيه أوقفني المشهد عند الباب ولم أعرف هل أتقدم أو أعود للخلف كان بيننا مسافة قصيرة لكنها مليئة بأسئلة لم تنطق بعد رفع رأسه فجأة وكأنني ناديت عليه دون صوت ابتسم ابتسامة عابرة لكنها كسرت شيئًا في داخلي وجعلتني أجلس في أقرب طاولة منه وكأنني أختبر القدر لم نتحدث في البداية اكتفيت بأن أراقبه وهو يكتب شيئًا في دفتر صغير وكأنه يسجل اعترافات لا يريد لأحد أن يعرفها ثم رفع عينيه نحوي وسألني بصوت هادئ لكنه يحمل قوة خفية هل تؤمنين أن بعض اللقاءات م...

حين همس الليل باسمه

صورة
    🌹🌹الفصل الأول             🌸على حافة الغياب 🌸 كان الصباح مائلًا نحو الدفء رغم أن السماء ما زالت معلقة بسحب رمادية تحمل في طياتها أسرار المطر وقفت على حافة الرصيف أراقب المدينة وهي تستيقظ ببطء أصوات الباعة وضحكات الأطفال ووقع الخطوات على الأرصفة المبللة كلها كانت تنسج لحنًا أعرفه دون أن أسمعه من قبل ثم كان هناك هو بين المارة لا يشبه أحدًا منهم ولا يشبه أحدًا عرفته عيني من قبل كان يمشي بخطى واثقة ووجهه يحمل ملامح رجل مر على الحزن والحب والحرب وعاد منها حيًا ولكن ليس كما كان عيناه كانتا غريبتين إلى حد مربك عينان قادرتان على جعل كل ما حولهما يتراجع إلى الخلف وكأن الكون كله يفسح لهما الطريق لم يكن ينظر إلي مباشرة لكنه كان يعرف أنني أراه وكنت أعرف أنه يعرف ذلك لم أكن أبحث عن بداية لكن بدايته كانت تبحث عني كل خطوة اقترب بها شعرت وكأن المدينة كلها توقفت عن التنفس اللحظة التي عبر فيها بجانبي كانت كافية لأشعر بثقل سنوات لم أعشها بعد ورائحة المطر التي التصقت بمعطفي حملت معها شيئًا من صوته الذي لم أسمعه بعد كان هناك شيء في حضوره يوقظ ما نام طويلًا داخل...