المشاركات

عرض المشاركات من سبتمبر, 2025

الحياة والامل

صورة
 -----الأمل الذي يولد من الرماد------- في كل رمادٍ يظنه الناس نهاية، يختبئ جمرٌ صغير يتنفس في صمت، ينتظر أن تمتد إليه نسمة حياة. ذلك الجمر هو الأمل، لا يُرى بسهولة، لكنه حاضرٌ، عنيد، يرفض أن يموت. وكأن في قلب الإنسان قوة خفية تتحدى العدم، وتصرّ على أن تبعث المعنى من قلب الخراب. لطالما اعتقدنا أن الانكسار ختام الطريق، وأن السقوط فصلٌ أخير، لكن الحقيقة أن الرماد ليس سوى بداية أخرى، تتهيأ لتكتب فصلاً جديدًا. فمن قلب العتمة يُولد النور، ومن تحت الركام تنهض الأرواح لتقول: ما زال في العمر متّسع للحلم، وما زال في القلب متّسع للحياة.  ----حين ينهار الصرح ويعمّ الرماد------- حين يسقط الإنسان في لحظة ضعف قاسية، يبدو وكأن العالم كله قد انطفأ من حوله. الجدران التي كانت تحميه تنهار فجأة، والأحلام التي عاش لأجلها تتفتت إلى شظايا متفرقة، فيغدو قلبه أشبه بمدينة غمرها الغبار. إن الانكسار لا يأتي بهدوء، بل يقتحم الروح كعاصفة تقتلع الطمأنينة من جذورها، وتترك خلفها رمادًا صامتًا. وفي ذلك الرماد، تتجمد الخطوات ويصبح الطريق مجهولًا. يتساءل المرء: أين أذهب الآن؟ هل بقي في داخلي ما يكفي كي أستمر؟ لحظ...

الفصل الثاني والعشرون – حين تنطق القلوب

  المعركة كانت في أوجها. حسام بيتشبث بالدفتر كأنه آخر أنفاسه، وآدم بيقاوم بكل قوته. سارة و ليلى بيحاولوا يساعدوا، وكريم واقف مساند، قلبه بينزف وهو شايف كل شيء على وشك الانفجار. لحظة واحدة قلبت كل شيء… الدفتر وقع على الأرض، وانفتح فجأة، صفحاته اتطايرت في الهواء زي أسرار قديمة خرجت تتحرر من سجنها. الكلمات المكتوبة فيه ما كانتش مجرد حبر… كانت مزيج من خوف وحب وخيانة ووعود. سارة مدت إيدها بسرعة جمعت ورقة من الصفحات، وقبل ما حسام يوصلها، بصت فيها بصوت مرتجف: هنا مكتوب… العهد الحقيقي مش في الورق… العهد في القلوب اللي تصون بعضها." الجملة دي وقفت الجميع. حسام اتجمد، كأن الكلمات ضربت قلبه لأول مرة. الدموع اتجمعت في عينيه، لكن كبرياءه كان بيحاول يخفيها. آدم قرب منه، وصوته كان هادي لكنه مليان قوة: إنت طول الوقت بتدور على السيطرة، لكن عمرك ما فهمت إن الحب هو اللي بيحرر. نادية غلطت لأنها خافت، وأنت غلطت لأنك طمعت… لكن إحنا اخترنا نواجه، مع بعض." حسام وقع على ركبتيه، الدفتر في إيده بقى مجرد أوراق ميتة. رفع عينيه وبص لهم: يمكن… يمكن يكون فات الأوان بالنسبة لي. سارة بصت له بنظرة كلها رحمة الع...

الفصل الحادي والعشرون – بداية النهاية

  الطرق على الباب اتكرر، المرة دي أبطأ، لكن فيه ثقل كأنه بينذر بالخطر. آدم بص حوالين الغرفة بسرعة، إيده قربت من مقبض الكرسي الخشبي وكأنه بيتأهب لأي مواجهة. سارة وقفت في نص الغرفة، عينيها بتلمع بخوف ممزوج بجرأة. بصوت واطي قالت: ما تفتحوش بسرعة استنوا. لازم نعرف مين ورا الباب الأول. كريم اتنفس ببطء، رفع صوته وقال مين؟ جاء الرد من ورا الباب، بصوت رجولي عميق ومخنوق افتحوا… أنا عارف إنكم جوه. الصوت كان مألوف جدًا ليلى اتسعت عينيها، همست ده صوت حسام! آدم اتجمد، عقله بيراجع كل كلمة وكل لحظة جمعتهم مع حسام. الراجل اللي كان يظهر لهم دايمًا في صورة الصديق الحامي، هل ممكن يكون هو العدو اللي خان العهد؟ الباب اتفتح ببطء، وحسام ظهر واقف في العتمة، ملامحه شاحبة وعيونه غريبة كأنها بتحمل أكتر من سر. دخل بخطوات ثابتة، وبص على الدفتر اللي في يد سارة. ابتسم ابتسامة باهتة وقال: كنت متأكد إنكم هتلاقوه. سارة رفعت الدفتر بقوة وقالت إنت تعرف إيه عن العهد؟ حسام ضحك بخفة، لكنها كانت ضحكة مريبة: أنا واحد من اللي صنعوه. لكن نادية نادية هي اللي كسرت الاتفاق. وهي السبب في الفوضى دي. كريم صرخ كذاب! نادية كانت بتح...

الفصل العشرون – وجوه الحقيقة

  الليل كان ساكن بشكل غريب، كأن المدينة كلها تنتظر اللحظة اللي هتنفجر فيها الأسرار. سارة جلست قُرب النافذة، عينيها معلقة في الظلام، وقلبها مليان أسئلة مالهاش إجابة. آدم كان بيتحرك رايح جاي في الغرفة، خطواته سريعة، وصوته الداخلي بيصرخ إنه في حاجة كبيرة هتظهر قريب. ليلى، اللي كانت دايمًا الأهدأ بينهم، قاطعت الصمت وقالت بصوت فيه توتر: – "أنا مش قادرة أستوعب اللي قاله كريم… إزاي نادية كان عندها دفتر بالكمية دي من الأسرار وما حدش يعرف؟" آدم وقف فجأة، نظر لها وقال: – "الدفتر مش مجرد أسرار… هو خريطة. نادية كانت عارفة إن في يوم هييجي، وهنلاقي نفسنا واقفين قدام الحقيقة وجهاً لوجه." سارة، اللي ما قدرتش تمنع نفسها من التفكير بصوت عالي، قالت: – "طيب مين ورا كل ده؟ مين الشخص اللي عايز يدفن الماضي بأي تمن؟" قبل ما حد يجاوب، باب الغرفة اتفتح بقوة. كريم دخل ووشه باين عليه ارتباك شديد. كان ماسك الدفتر في إيده، وبيقول وهو بيتنفس بسرعة: – "لقيت حاجة… حاجة هتغير كل حاجة." الكل اتجمع حواليه، وسارة مدت إيدها وأخذت الدفتر. لما فتحت الصفحات، لقت رسم غريب على شكل دوائر م...

الفصل التاسع عشر: الصورة التي لم تُحرق

   الدرج العتيق أنين تحت وقع خطوات غامضة، كأن الخشب يئن من حمل سر ثقيل يعود معه من يطأه. العيون كلها معلّقة عند مدخل الظل، الأنفاس محتجزة بين الصدور، والخوف يسابق الفضول في سباق لا فائز فيه. سارة لم تترك يد آدم، لكن إحساسها تغيّر، لم تعد مجرد ضحية تبحث عن الأمان، بل صارت شريكة في مواجهة مصير مجهول. ليلى التصقت بالجدار، عيناها تراقبان كل حركة، فيما كريم بدا وكأنه يرى شبحًا نهض من بين رماد الماضي ليطارده. وأخيرًا ظهر رجل في منتصف العمر، ملامحه نصف غارقة في الظلام، وصوته الأجشّ ارتجف مع صدى الغرفة وهو يقول: "انتو ما كانش لازم تفتحوا الدفتر." كريم انتفض واقفًا، عرق بارد انسدل على جبينه، همس بصوت يكاد لا يُسمع: "إنت… إزاي؟ كنت فاكر إنك اختفيت." سارة استدارت بحدة نحو كريم، عيناها تتوهج بالغموض:ه‍ "مين ده يا كريم؟ إيه اللي بتخبيه عنا تاني؟" آدم تقدّم بخطوة ثابتة، نبرته صارمة وقاطعة: "كفاية ألغاز. لو عندكوا أسرار تانية، لازم تتقال دلوقتي قبل ما نتحول كلنا لضحايا." الرجل الغامض ابتسم ابتسامة باردة، ثم مد يده ببطء، وأخرج صورة قديمة، أطرافها محروقة لكن وسطه...

الفصل الثامن عشر: بوابة الظل

كانت الغرفة أشبه بمسرح للأسرار. الأضواء الخافتة تراقصت على الجدران العتيقة، وكأنها تعكس ما بداخل قلوبهم من ارتباك. سارة جلست بالقرب من النافذة، يدها ترتجف وهي تشد على أصابع آدم، كأنها تبحث فيه عن حصن يرد عنها كل خوف. كريم جلس أمامهم، الدفتر بين يديه، لكنه بدا وكأنه يحمل قنبلة، لا يعرف إن كان فتحها سينقذهم أم يهلكهم. لحظة صمته كانت أقسى من الكلام، كأن جدران البيت نفسها تتأهب لتستمع. ليلى كسرت الجمود بصوت خافت، لكنها محمّل بالرهبة: "إنت متأكد يا كريم؟ مرات كتيرة الحقيقة مش بتنور الطريق… بالعكس بتولع نار أكبر." آدم رفع رأسه نحوها، وصوته خرج ثابتًا رغم اضطراب أنفاسه: "لأ… إحنا وصلنا خلاص لنقطة ما ينفعش نرجع منها. لازم نعرف كل حاجة، حتى لو الحكاية دي تاخد مننا أكتر مما نتوقع." كريم تنهد بعمق، ثم فتح الصفحة الأولى. عيونه انعكست فيها لمعة خوف وندم، وقال بصوت خافت: "البيت القديم مش مجرد مكان. نادية خبّت فيه أوراق بتفضح ناس، مش أي ناس… أشخاص لهم سلطة ووشوش كانوا حوالينا من غير ما نحس. الصور اللي احتفظت بيها… تشهد على خيانة، وعلى أسرار ناس مستعدين يعملوا أي حاجة عشان ما ...

الفصل 17 الدفتر الأسود

 جلسوا بعدها في دائرة صغيرة، والدفتر مفتوح قدامهم. كريم قلب الصفحات ببطء، وصوته اتكسر وهو بيقرأ: – نادية ما كانتش لوحدها… في سر بينا، وعد اتكسر، وذنب ما اتمسحش. آدم ضم إيد سارة، نظر في عينيها وقال: – مهما كان اللي جوه الدفتر… لازم نعرفه. الصفحات حكت عن حب ممنوع، عن خيانة صديق لصديق، وعن اتفاق اتعمل في البيت ده من سنين طويلة. أسماء جديدة ظهرت، أشخاص ما يعرفوهمش، لكن حياتهم اتربطت بيهم فجأة. ليلى رفعت نظرها عن الورق وقالت: – يعني اللي بيحصل لينا دلوقتي مش صدفة… ده امتداد للي فات. وفجأة، سمعوا صوت صرخة جاية من الدور العلوي. الكل قام مرة واحدة. الصرخة كانت لأنثى، قصيرة لكنها مليانة رعب. سارة رفعت رأسها للسقف، وهمست: – البيت لسه محتفظ بأصواته… آدم شدّ كتفها وقال: – لا… في حد فوق. ولازم نعرف مين. وطلعوا الدرج بخطوات حذرة، وكل درجة كانت زي اختبار جديد للشجاعة. ⬅️ السابق: F الفصل السابق (https://lamsatroh80.blogspot.com/2025/09/16.html) ➡️ التالي: F الفصل القادم ( بقلم لمسة روح © جميع الحقوق محفوظة 2025

الفصل 16 الظلال التي تتكلم

  الغرفة كانت ساكنة بعد اعتراف كريم، لكن العيون ما كانتش ساكتة. سارة شدّت نفس عميق وقالت: "كريم… اللي قلته عن نادية خطير. بس إنت مخبّي أكتر." كريم تنهد وهو يفتح الدفتر: "البيت ده مش بس مكان… البيت شاهد. فيه سر محبوس جواه من سنين، واللي يجرؤ يقرب… بيدفع الثمن." آدم اقترب خطوة، نظر في عينيه وقال بحدة: "كلام غامض مش يفيد. عايزين نعرف الحقيقة كلها." فجأة، صوت ارتطام عالي جاي من الممر الخلفي. الكل التفت بسرعة. ليلى همست: "إحنا مش لوحدنا…" الأبواب بدأت ترتعش، كأن قوة غامضة تحاول تدخل. سارة تمسكت بيد آدم، وقلبها بيدق بسرعة، لكنها ما انسحبت. ظهر ظل جديد، مختلف عن كريم… طويل، ملامحه مش باينة. صوته كان غريب، كأنه جاي من بعيد: "الحقيقة مش ملك حد واحد… واللي يفتش وراها… لازم يكون مستعد للتضحية." الغرفة بردت فجأة، و الأنفاس انتقلت. كريم صرخ: "ارجع! مش إنت اللي ليك الحق!" لكن الظل تقدّم، وقال بهدوء قاتل: "الحق ليا… من زمان." سارة أدركت إن اللعبة أكبر من مجرد أسرار نادية. في اللحظة دي، فهمت إن الماضي بيلا حقهم، وإن القادم هيكون أخط...

الفصل الخامس عشر: "حافة الحقيقة"

 بعد ما كريم كشف عن أسرار نادية، سارة وآدم جلسوا مع بعض يفكروا في كل اللي حصل. سارة قالت بابتسامة ضعيفة: "كل الأسرار دي… أخيراً بدأت تتضح. بس ليه دايمًا الحقيقية بتيجي مع الخوف؟" آدم ضحك بخفة، ومد إيده لمسها بدون أي خوف: "عشان الحقيقية مش سهلة… بس لما نواجهها سوا، كل حاجة تبقى أهون." في اللحظة دي، ليلى دخلت عليهم وقالت: "فيه شيء تاني لازم تعرفوه… اللي اختفى من البيت القديم… مش مجرد دفتر. فيه حاجة تانية، واللي يعرفها لسه موجود." سارة اتنهدت، لكن قلبها بدأ يخفق بسرعة، مش من الخوف، لكن من شعور بالاقتراب من الحقيقة. آدم قرب منها وقال بصوت واطي: "مش مهم مين موجود… المهم إحنا مع بعض، ومفيش سر يقدر يفرقنا." وفجأة، الباب الخلفي انفتح بقوة، والهواء جاب معه شيء غامض… كانت بداية فصل جديد، وأحداث أكبر، وأسرار أعمق هتخليهم يواجهوا الماضي، الحاضر، وحتى مشاعرهم بطريقة لم يتوقعوها. ⬅️ السابق: F الفصل السابق     https://lamsatroh80.blogspot.com/2025/09/blog-post_12.html ➡️ التالي: F الفصل القادم (ضع رابط الفصل القادم  هنا) بقلم لمسة روح © جميع الحقوق محفوظة 2025

الفصل الرابع عشر: "الظل الغامض"

 ظل الغرفة اتملأ بصوت خطوات خفيفة، كل خطوة بتقرب من المكان اللي هم فيه. سارة أمسكت يد آدم بإحكام، لكنه حس إنها مش بس خايفة، لكن مستعدة تواجه أي شيء. آدم همس لها: "ركزّي معايا… أي حركة، أي صوت… لازم نكون مستعدين." الظل ظهر فجأة في الزاوية، ملامحه مش واضحة، لكن شعرهم بالرهبة كانت حقيقية. ليلى قالت بصوت منخفض: "ده… مش أي شخص. ده يعرف أسرار نادية كويس." الظل تحرك ببطء، وظهر جزء من وجهه في الضوء: كان رجل في منتصف العمر، عيونه مليانة ذكريات، وهو يمسك دفتر صغير. سارة، بصوت خافت لكنها حازمة: "مين إنت؟ وليه هنا؟" الرجل رد: "اسمي كريم… كنت صديق نادية… وعارف كل حاجة عنها. عايز أقول الحقيقة قبل ما حد يتأذى." آدم نظر لسارة، وهي شافت الخوف في عينيه، لكنه كان كمان فيه عزيمة. اقترب من الظل وقال: "تمام… احكي لنا كل اللي تعرفه." كريم بدأ يحكي عن علاقة نادية بالبيت، عن أسرار دفينة، وعن صراعات قديمة لم تكشف، وكل كلمة كانت تكشف طبقة جديدة من الغموض. سارة حست بشعور غريب: كل سر يتكشف كان يقوي رابطة سارة وآدم، لأنه معاهم كانوا يواجهوا  الماضي والحقائق سوا. بقل...

الفصل الثالث عشر: "ظل الماضي"

  وصلوا للطابق العلوي، والظلام حواليهم أخف من الأسفل، لكن الأصوات زادت. سارة قربت من الدرج القديم، ولاحظت إطار صورة مكسور على الأرض. لمست الصورة، وعينيها وسعت من المفاجأة: نادية وآدم في صورة قديمة، مبتسمين كأن العلاقة بينهم كانت قوية. آدم ابتعد خطوة، صوته مكسور الصورة دي… أنا معرفش إنها موجودة هنا. سارة رفعت حاجبها وقالت يعني إيه؟ أنتوا تعرفتوا قبل كده؟ ليلى حركت راسها وقالت أيوه… علاقة قصيرة، بس مهمة. نادية كانت بتحبك أكتر من أي حاجة، وكان لها أسرار… أسرار لازم ما تتكشف إلا في ظروف معينة. سارة شعرت بغصة، لكن مع لمس يد آدم ليها، شعرت بالطمأنينة. آدم قرب منها وقال بصوت منخفض مش أي سر يستحق يبقى أقوى من اللي بينا. في اللحظة دي، الباب الخلفي الطابق العلوي انفتح فجأة، وظهر ظل غامض في الزاوية، يراقبهم. ليلى قالت بخوف ده… مش مجرد ذكريات. في حد تاني عايش سر نادية… ولسه موجود. سارة قبضت على يد آدم بإحكام، وهو رد عليها بنظرة ثابتة: ما متخافيش… مهما كان، نواجهه سوا.

الفصل الثاني عشر: "بوابة الأسرار"

  سارة وآدم وليلى وقفوا عند مدخل البيت القديم، والهواء حواليهم ساكن كأن الزمن وقف. سارة حست بشعور غريب: مزيج من الخوف والفضول. ليلى نظرت لهم وقالت: "اللي هتشوفوه هنا… مش أي بيت. هنا نادية سابَت آثارها." آدم مسك يد سارة، وهمس لها: "متخافيش… أنا معاك." دخلوا البيت، وكل خطوة كانت تصنع صدى بين الجدران القديمة. في الزاوية، لفت انتباههم دفتر صغير، غلافه مهترئ وكأن حد ماسكه كتير. سارة مدّت إيديها، لكن آدم منعها بخفة: "سيبيه… ده ممكن يكون المفتاح لكل اللي حصل." ليلى قربت وقالت: "الدفتر ده… بيحوي رسائلها الحقيقية. نادية كانت بتحاول تقول حاجة قبل ما تموت… شيء مهم." سارة فتحت الدفتر بحذر، وبدأت تقرأ: "من يظن أن الحب مجرد كلمات… مخطئ. كل فعل، كل خطوة، لها أثر… وحتى لو رحلت، أثرك باقي." آدم حرك راسه، وقال: "ده مش مجرد دفتر… ده تحذير." وفجأة، سمعوا صوت خفيف، زي خطوة أو تحريك شيء من الطابق العلوي. سارة شهقت، لكن آدم شد إيديها: "ركزوا… كل خطوة لازم تبقى محسوبة." ليلى ارتجفت وقالت: "ده مش مجرد بيت… فيه أسرار ما تتكشفش بسهولة....

الفصل الحادي عشر..ظلال نادية

سارة ما قدرتش تتحمل الصمت اللي وقع بعد كلام ليلى. قلبها كان بيقول إن في حاجة أكبر من مجرد سر قديم. بصّت لآدم، ووشه متجمد، عينيه مش عارف يركزوا عليها ولا على ليلى. سارة قالت بهدوء، لكن نبرتها فيها قوة: عايايزة نفهم يا ليلى… مين نادية بالضبط، وليه ظهرها مرتبط بالبيت ده ليلى تنهدت، وقعدت على الكرسي وكأنها شايلة حمل تقيل نادية كانت جارتي… وكانت مريضة زمان. آدم كان بيتابع حالتها، بس الموضوع اتطور. هي ما قدرتش تفصل بين العلاج وبين الإعجاب اللي حسّت بيه ناحيته. كانت بتكتب عنه في دفترها… كل كلمة حب، كل سر، وكل خوف. آدم بص لها بصدمة  دفترها؟! إنتي بتتكلمي عن الدفتر اللي لقيناه في البيت ليلى أومأت براسها أيوه. ده دفتر نادية. وكونكم لقيتوه مش صدفة. سارة شدّت نفس عميق، وحاولت تبين إنها مسيطرة على أعصابها طيب، لو هي مريضة زمان… دلوقتي فين؟ ليلى خفضت صوتها وقالت نادية ماتت… بس موتها ما كانش طبيعي. والبيت لسه محتفظ بأسرارها. آدم اتراجع خطوتين، إيده بترتعش ماتت…؟ إزاي يعني؟ أنا ما سمعتش عن أي حاجة ليلى رمقته بنظرة فيها شيء من العتاب يمكن لأنك اخترت ما تسمعش… أو لأن اللي حواليك أخفوا عنك الحقيقة. س...

الفصل العاشر: "أسرار مكشوفة وعاصفة تحت المطر"

  بعد ما اختفى الظل الغامض وترك لهم الدفتر القديم، سارة وآدم وقفوا للحظة يتنفسو بعمق، لكن التوتر ما اختفى. كل صفحة في الدفتر كانت بتفتح لهم باب لماضي آدم، جزء منه كان غامض عليهم. آدم أخذ الدفتر وقال دلوقتي… لازم نعرف كل شيء. سارة اقتربت منه، ومدت يدها على يده وقالت مهما كان الماضي… أنا معاك. فتحوا صفحة جديدة، ولأول مرة ظهر عنوان غامض لمكان محدد، مع جملة مكتوبة بخط ضعيف: هنا الحقيقة… لكل قرار أثر. آدم نظر لها بجدية المكان ده هو سر حياتي القديمة… واللي ظاهر دلوقتي. سارة ابتسمت بخفة دمها، رغم الخوف: ومين هيقدر يمنعنا؟ إحنا سوا. فجأة، سمعوا صوت خطوات خفيفة من الطابق فوقهم، كأن شخصًا يراقبهم. آدم شد يدها وقال: خليكي جنبي  ومتتحركيش. خرج الرجل الغامض من الظل، واضح أكتر المرة دي، وقال كنت متوقعين إني هسيبك؟ الحقيقة مش سهلة وأنا هنا اكشف كل اللي حاول آدم يخبئه. سارة شعرت بتوتر شديد، لكنها مسكت يد آدم بإحكام وقالت أنا مش خايفة طالما إنت جنبي. الظل الغامض أشار دفتر وقال كل الأسرار اللي هنا تغير حياتكم لو ما تعاملت معاها بحكمة. آدم نظر لسارة، وصوته مليان حزم مش مهم أي خطر إحنا مع بعض، ود...

الفصل التاسع: "صدى الزجاج وظل الماضي"

  بعد اللحظة الحميمية اللي جمعت سارة وآدم، واللي خلت قلبهم يقرب أكتر من بعض، فجأة وقع صوت كسر الزجاج من الشقة المجاورة. الصوت كان عالي، وخلّى سارة تقفز من مكانها وهي تصرخ: ـ إيه ده؟! آدم، بسرعة، مسك يدها وقال: ـ ماتخافيش… أنا جنبك. اقتربوا من مصدر الصوت بحذر، وكل خطوة كانت مليانة توتر. لما دخلوا الغرفة، لقوا نافذة مفتوحة جزئيًا والزجاج متكسر، والجو كله مليان رائحة المطر اللي دخل من برا. الظل الغامض اللي ظهر قبل كده كان واضح في إحدى الزوايا، بيترقبهم بصمت. سارة شعرت بقلق حقيقي، لكنها مدّت يدها على كتف آدم وقالت: مهما حصل… أنا معاك. آدم ابتسم ابتسامة خفيفة، رغم توتره، وقال:  وجودك معايا بيخليني أقدر أواجه أي حاجة. الظل الغامض تقدم خطوة، وقال بصوت هادي لكنه مليان حزم أخيرًا قررتوا تواجهوا الحقيقة… الماضي كله هيظهرلكم دلوقتي. آدم اقترب من سارة وحماها بحاجبه، وقال بصوت منخفض  ركزي معايا… كل خطوة مهمه. الظل الغامض رمى دفتر صغير على الأرض، ورسم خطوط على الصفحات وكأنها دعوة لهم لاكتشاف الأسرار بنفسهم. سارة خدت الدفتر وبدأت تقرأ الصفحات، وكانت مليانة أسماء، أماكن، وقرارات آدم القد...

الفصل الثامن: "بين الخوف والعناق"

  بعد الليلة اللي شافوا فيها الشخص الغامض واقف قدام البيت القديم، سارة ما قدرتش تنام. كل مرة تقفل عينيها، ييجي في بالها ظل واقف بعيد، ساكت، لكن حضوره مخيف. آدم، رغم وساوسه اللي ما بتفارقهوش، كان لأول مرة مش خايف من الميكروبات أو الغبار… كان قلقان على سارة بس. وهو بيتمشى في أوضة شقته رايح جاي، قرر يكتب لها رسالة، لكن وهو بيكتب لقاها بتتصل: آدم… أنا مش مرتاحة. ممكن نلتقي دلوقتي؟ صوتها كان فيه رجفة، لكن كمان فيه إصرار. تعالي، أنا مستنيك. بعد نص ساعة، كانت سارة قاعدة في شقته لأول مرة من غير وجود أهله. بصتلها وهي داخلة، شعرها متلخبط من الهوا، وعينيها مرهقين، لكن جواها قوة غريبة. قالتله وهي بتحاول تضحك: إيه يا دكتور… مش ترش عليّ كحول وأنا داخلة؟ ابتسم آدم ابتسامة صغيرة وقال:  النهارده لا… يمكن محتاج ألمسك من غير حواجز. الجملة دي خلت قلبها يضرب بسرعة. لأول مرة تشوفه بيتكلم بالوضوح ده. جلسوا سوا، والدفتر القديم مفتوح قدامهم على الطاولة. آدم قلب صفحة جديدة، ولاحظوا إن فيه جملة مكتوبة بخط مهزوز من يجرؤ على الحب، يجرؤ على كشف الأسرار. سارة همست يمكن الرسائل دي معمولة مخصوص عشانك. آدم بص ...

الفصل السابع: "حين يطرق ابواب الماضي

  كانت سارة جالسة في غرفتها مساءً، تفكر في ابتسامة آدم الأخيرة. رغم الغموض اللي لسه معلق في الهواء، قلبها كان مطمئن بشكل غريب. هل الحب قادر فعلا يخلي إنسان مليان خوف يتغير؟ في نفس اللحظة، آدم كان قاعد في شقته، الظرف الأبيض على الطاولة قدامه. الرسالة لسه عالقة في ذهنه: "الماضي راجع." فتح الظرف تاني، ولاحظ إنه في ورقة تانية صغيرة ما كانش واخد باله منها. الورقة مكتوب فيها عنوان قديم ومعاه جملة قصيرة: "هنا البداية." دمه برد للحظة. العنوان ده المكان إلي كان عايش فيه زمان، قبل ما يغير حياته كلها. اليوم التالي، قرر يحكي لسارة. سارة، في حاجة لازم تعرفيها… الرسالة فيها عنوان من ماضيّ. سارة قربت منه وقالت بثبات: وأنا هاجي معاك. آدم اتفاجأ الموضوع مش سهل… ممكن يكون فيه خطر. سارة ابتسمت بخفة دمها اللي دايمًا بتذيب التوتر: خطر إيه؟ أنا أصلاً عايشة معاك يوميًا بين كمامات ومعقمات! الخطر الحقيقي إنك تروح من غيري. آدم ضحك، لأول مرة ضحكة صافية من قلبه، وقال:  إنتي مش بس ضحكة جميلة… إنتي شجاعة. تحركوا سوا للمكان اللي في الرسالة. كان بيت قديم مهجور على أطراف المدينة. الجو هناك كان ساكن...

الفصل السادس: "رسالة من الماضي"

  الصباح بدأ ببرودة خفيفة، وسارة كانت مستيقظة على صوت العصافير. كانت متشوقة للقاء آدم بعد اللي حصل في المتنزه، لكن عقلها ما قدرش يمنع الفضول عن الغموض اللي ظهر فجأة: الرجل الغامض والظرف الأبيض. آدم ظهر على باب شقتها، الجوانتي الأبيض في إيده، وابتسامة خفيفة رغم التوتر اللي كان واضح في عينيه. ـ صباح الخير… جاهزة لليوم؟ سارة ابتسمت بخفة: ـ دايمًا جاهزة… خصوصًا لو هنقابل تحديات جديدة. ركبوا العربية، وصمت آدم لفترة. سارة لاحظت القلق، فسألته: ـ إيه اللي مضايقك؟ الظرف ده من اللي شوفناهم امبارح؟ آدم أخذ نفس طويل، وقال بصوت منخفض: ـ أيوه… من الماضي. في معلومات كنت حابب تظل مخفية، بس الظرف ده ممكن يغير كتير. سارة قربت منه، وحست بحاجه غريبة: مزيج من الخوف والإثارة. ـ طيب… إحنا مع بعض… صح؟ آدم مسك إيدها تحت الطاولة، وقال بابتسامة هادئة: ـ أكيد… وجودك جنبي بيخليني أقوى. الوصول للحديقة اللي بيقابلوا فيها الرجل كان مليان توتر. الرجل الغامض وقف جنب شجرة كبيرة، وفي إيده الظرف الأبيض. آدم نزل بسرعة، وسارة جنبها، عيونها مفتوحة وقلوبهم بيتسابق. آدم أخذ الظرف وفتح فيه رسالة قصيرة مكتوبة بخط واضح آدم، ك...

الفصل الخامس: "سر الماضي وقلوب متقاربة"

  بعد اليوم اللي قضوا سارة وآدم مع بعض، كان الجو بينهم مختلف. لم تعد مجرد ضحكات وكوميديا، لكن بدأت تظهر لحظات هدوء فيها شغف حميمية خفية. سارة كانت مازالت مستغربة من نفسه الغريب، اللي يصر على النظافة المبالغ فيها، لكنه بنفس الوقت يهتم بيها بطريقة ما اتعودتش عليها. في صباح اليوم التالي، رن هاتف آدم فجأة، وكانت المكالمة غامضة من رقم مجهول. قال وهو بيبص للشاشة: مين ده؟ رد بسرعة، لكن صوته كان متوتر ألو… مين؟ الراجل في الهاتف قال جملة قصيرة مقلقة  فاكر إنك هتعيش طبيعي؟ الماضي بتاعك راجع. آدم قلبه وقع، وعيناه لمعت بالقلق. سارة اللي كانت قريبة منه لاحظت التغير المفاجئ، وسألته إيه اللي حصل؟ مين كان؟ آدم حاول يبتسم، لكنه كان واضح إنه مضطرب حاجة بسيطة… مفيش أي حاجة تخافي منها. سارة مدت ايديها، حست لأول مرة إن فيه جانب ضعيف في شخصيته، جانب مش متوقع خلف الكمامة والوساوس: ـ طيب… أنا معاك. ابتسم، وحس بدفء غريب يمر من قلبه لما لمس يدها. كانت لمسة قصيرة، لكن أثرت فيه أكتر من أي تعقيم أو قفاز في حياته. لاحقًا، قرروا يروحوا للمتنزه على النيل، بعيد عن الزحمة. الشمس كانت دافية والنسيم عليل. سارة ت...

الفصل الرابع: "قلب بين الكحول والضحك"

  اليوم ده كان مختلف، أم سارة صممت إنها تسيب العريس العروسة يخرجوا لوحدهم عشان يتعرفوا أكتر، وسارة كانت متوترة جدًا وهي واقفة قدام المراية تظبط طرحتها. في بالها مشاهد كتير: الكمامة، الجوانتي، الكحول اللي ما بيفارقش إيده… وقالت لنفسها: يا رب اليوم يعدي من غير ما أتحول معقم متنقل. آدم جه عربيته، وكالعادة العربية كلها معقمة، والكراسي مغطاة بكيس بلاستيك. أول ما فتحت الباب، لقت وردة حمرا صغيرة مرمية على الكرسي جنبها، ملفوفة في كيس شفاف. بصت له باستغراب، وهو قال بابتسامة خجولة:  الورد خطر من غير حماية.. بس أنا  مقدرتش أجيلك من غير هدية. سارة تفاجئت وقلبها دق بسرعة، لكنها خبت ارتباكها وقالت بسخرية: يعني حتى الورد اتحبس. كده مش هعرف أشمه. آدم مد إيده وفتح الكيس بهدوء: ـ هو معمول عشان يتفتح بين إيديك إنتي بس. سكتت لحظة وبصت له، لأول مرة حست إن ورا الكمامة  وساوس في إنسان عادي… يمكن أدفأ من اللي متصورة. العربية مشيت، ووصلوا كافيه على النيل، هادي بعيد عن الزحمة. القعدة كانت بسيطة، الجو كان عليل، وسارة كالعادة بتتكلم بحماس وتضحك على نفسها، وآدم كان ساكت أغلب الوقت لكنه مركز معاه...

الفصل الثالث. زيارة مش بريئة

بعد يومين من الخطوبة، أم آدم اتصلت بأم سارة: ـ لازم تيجو عندنا بقا.. عايزين نتعرف أكتر. سارة وهي بترد:  يا ماما قولي لهم إني تعبانة. الأم: تعبانة إيه؟ دا إنتي لازم تبيني إنك عروسة لوز العنب. قومي حضري نفسك. سارة دخلت بيت آدم لأول مرة.. البيت ريحته "ديتول" زيادة عن اللزوم، كأنها داخلة مستشفى مش شقة. سارة همست في ودن أمها يانهار أبيض.. دا لو عطست هنا هيعمل لي مسحة PCR. آدم نزل من فوق، لابس تيشيرت أبيض مكوي بعناية، وماسك بخاخ كحول في إيده كالعادة. قال مبتسم: أهلاً يا عروسة. سارة:  أهلاً يا دكتور كورونا. أمه كشّرت: ـ إيه يا بنتي؟ كورونا إيه؟ دا ابني متعقم. سارة بسرعة: لا أقصد يعني منوّر زي الشمس. الجلسة تبدأ، أكل متحضّر على السفرة.. كله محطوط في علب بلاستيك معقمة سارة بصوت واطي يا ساتر! هو مش عندكم أطباق صيني زي الناس؟! آدم: البلاستيك أنضف. أبو آدم يضحك: ـ يا بنتي سيبيه.. متعود يعيش كده. سارة ترفع معلقة الملوخية وتدوق، وتغمض عينيها بتلذذ: أه يا خرابي! دي ملوخية حلوة أوي. آدم بسرعة: ـ اوعى تنفخي في المعلقة! النفخ ينشر بكتيريا. سارة ضحكت: ـ طب وانا آكلها سخنة كده؟! أبلعها  أبلع...

الفصل الثاني. خطوبة والتعقيم.

القاعة متزينة بالبالونات والأنوار.. والناس لابسة شيك ومستنيين العريس والعروسة. سارة داخلة بفستان بسيط بس حلو، ووشها عامل زي اللي رايح يتحاكم. سارة بتكلم نفسها  إيه اللي أنا داخلاه ده؟! يوم خطوبتي وأنا مش عارفة أضحك! هو أنا اتجوزت ولا اتحكم عليّا؟ صوت عالي من ورا: يا جماعة.. وسّعوا الطريق.. العريس جاي الكل استدار.. لقوا آدم داخل لابس بدلة أنيقة بس.. لابس فوقها جوانتي أبيض، وماسك إزازة كحول بيرش بيها السجادة وهو ماشي. واحدة من المعازيم تهمس: هو جاي يتخطب ولا يفتح عيادة؟ سارة غطت وشها بالطرحة وقالت يا ساتر.. دي فضيحة آدم وصل عند الكوشة وقعد جنبها وهو بيقول بهدوء فيه حاجة ؟زعلانة ليه؟ سارة لأ أبداً.. مبسوطة إني داخلة حياتك الكحولية. آدم ده اسمه حرص يا سارة. إنتي مش فاهمة قد إيه الدنيا مليانة جراثيم. سارة:  آه ما أنا فاهمة.. إنت عايش حرب عالمية تالتة مع ميكروب مش شايفينه. واحدة من صحاب سارة جت تسلم عليهم، مدّت إيدها لآدم.. آدم اتجمد، وبص للجوانتي بتاعه، وبعدين قال: ممكن أسلّم عليك بالكوع؟ سارة كتمت ضحكتها بالعافية، وقالت  عريس لقطتي.. أول مرة أشوف راجل في خطوبته بيسلّم بالكوع....

الفصل الأول: "أول لقاء مش نضيف"

صورة
  صوت المكنسة في المكتبة كان بيكسر هدوء المكان، وسارة واقفة تمسح التراب من فوق الكتب وهي بتغني لنفسها. فجأة الباب اتفتح، ودخل شاب لابس جوانتي سودة، وكمامة، وماسك إزازة كحول بيرشها في الهوا زي ما يكون داخل معركة بيولوجية. سارة وقفت مكانها وبصتلُه من فوق لتحت ـ يا لهوي! إيه ده؟ إنت جاي تشتري كتاب ولا هتعمل عملية قلب مفتوح؟ آدم، وهو بيرش الكحول على الكاونتر:  من فضلك ابعدي.. إنتي واقفة في منطقة موبوءة. سارة حطت إيدها على خدها وقالت ببراءة مصطنعة  منطقة إيه؟! دي مكتبة يا أستاذ مش مستشفى حميات. آدم فيه غبار.. فيه ميكروبات.. وأنا جسمي حساس جدًا. سارة ضحكت ضحكة عالية أيوه باين!  بس شكلك ده لو شوفت دبانة ممكن تجيب سيرك وتعقم الشارع كله. قرب منها خطوة، وبيرش في الهوا بلاش استهتار.. أنا ممكن أنهار من ريحة تراب. سارة ساعتها عملت حركة عفوية كحت بصوت عالي وقالت كووووح.. كوووح.. عندي برد يا بيه آدم نط لورا كأنه شاف عفريت  ياساتر.  إنتي بتسعّلي كده ليه  إبعدي سارة انفجرت من الضحك بهزر معاك يا عم.. يا نهار أبيض. أول مرة أشوف راجل خايف من كحة ست  آدم  متنرفز ...

كلمات عابرة

صورة

الفصل التاسع عشر البوابة السوداء

  تقدمت نوران بخطوات مترددة داخل الوادي الضبابي، قلبها يخفق بقوة وهي ترى انعكاس نفسها المظلم يقترب منها، نفس الوجه ونفس الملامح، لكن العيون هناك كانت باردة، قاسية، تحمل كل الخوف الذي حاولت إنكاره وكل الضعف الذي هربت منه. قالت النسخة بصوت يملؤه الصدى – لن تستطيعي عبور هذه الجزيرة، لأنني أنا الحقيقة التي تهربين منها. ارتجفت نوران للحظة، لكنها رفعت رأسها بعزم: – أنت لست الحقيقة، بل أنت ما تركته ورائي. أنا اخترت النور ولن أعود إلى الظلام. في الجهة الأخرى، كان آيدن يقف مذهولًا أمام شبحٍ يخرج من الضباب، رجل يعرفه جيدًا، وجه من ماضيه البعيد، صديق قديم فقده في معركة غادرة. كانت العيون تتقد اتهامًا: – تركتني للموت، خنت العهد، ولهذا لن تجد السلام أبدًا. صرخ آيدن وهو يرفع سيفه: – لم أخنك، كنت عاجزًا فقط. واليوم… لن أهرب بعد الآن. اندفع بكل قوته، وضرب انعكاس الماضي بضربة حاسمة، ليذوب الشبح في الضباب ويختفي صراخه بعيدًا. في تلك اللحظة، ارتجت الجزيرة بأكملها، تصدعت الصخور، وانطلقت ألسنة النار نحو السماء، بينما الجليد تحطم كقطع زجاج متساقطة. ظهر زاهر بين ألسنة اللهب، عباءته السوداء ترفرف، وعصاه ت...

الفصل الثامن عشر – الجزيرة المشتعلة

  كانت الأمواج تحتهم تضرب بشراسة، فيما تتقدم السفينة الصغيرة نحو الأفق حيث تتعانق ألسنة النار مع أعمدة الثلج، لتكوّن جدارًا رهيبًا يحيط بالجزيرة المشتعلة. كانت الجزيرة تبدو وكأنها نُزعت من عالم آخر، نصفها يشتعل بالحمم الحمراء، ونصفها الآخر يكسوه جليد أزرق متصدّع، وبينهما وادٍ ضبابي لا يُرى عمقه. قال آيدن وهو يحدق في المشهد المهيب: كأنها حرب بين السماء والأرض. ابتسم زاهر، لكن ابتسامته كانت باردة: بل هي مرآة لصراعكم أنتم. النار والثلج… إرادتان متناقضتان، لا يجتمعان إلا ليبتلعا كل من يتجرأ على العبور. التفتت نوران إليه بعينين لامعتين، وقالت بثقة لم يتوقعها أحد: إذن سأكون الجسر بينهما. أحس آيدن برعشة غريبة، لم يعرف إن كانت خوفًا عليها أم فخرًا بها، بينما ظل زاهر يراقبها بصمت، كأنه يرى فيها شيئًا لا يراه الآخرون. عند وصولهم إلى الشاطئ، فوجئوا بمخلوقات عجيبة تخرج من الضباب: أجسادها نصفها ناري، والنصف الآخر متجمد، تصرخ بأصوات تشبه عويل الرياح. اندفع آيدن بسيفه، يضرب كتل الجليد المتحركة، بينما رفعت نوران يديها وكأنها تستدعي الضوء من أعماق السماء، لينبثق حولها هالة ذهبية صدّت هجومهم. لكن ال...